“انتخبوا أم علي”
كلما شاهدت تعامل الاتحاد السعودي لكرة القدم مع ملف الانتخابات، أتذكر حوار الممثل الكويتي الشهير عبدالرحمن العقل في مسرحية “انتخبوا أم علي” مع داود حسين، الذي حرص على الدخول في انتخابات مجلس الأمة، وهو صاحب اللهجة العربية المُكسّرة التي لا تخلو من مفردات فارسية، إذ لم يجد العقل وهو مدير الحملة في الانتخابات، وهو يشاهد وضع عمه الصعب والذي لايرشحه للدخول فضلاً عن الفوز في الانتخابات سوى ترديد جملة “ويبي ينجح!!”. لن أدخل مباشرة في جدلية من أتى قبل الآخر البيضة أم الدجاجة، في نظرية فلسفية تضيع الوقت، ولن أفكر أيضاً في إجابة سؤال كهذا يرمز أحياناً إلى أهمية الأولويات الطبيعية، لكنني أتوقف مع توجهات إصلاحية كبيرة في الرياضة السعودية أجزم أنها تحتاج إلى ترتيب، مع التشديد على أنني كنت ولازلت أؤكد إيجابية خطوة الانتخابات في المشهد الرياضي. المتتبع إلى الأحداث خلال الفترة الماضية يرى عدداً من المؤشرات التي تدفعنا دفعاً إلى الالتفات إلى ما يحدث داخل الأندية قبل الاتحادات، في ظل أنها هي الأساس الذي ينطلق منه عمل الاتحادات، لذلك أرى أنه آن الأوان أن يترك للأندية وجماهيرها ومسؤوليها فرصة تحديد مستقبلهم بأنفسهم، وتحميلهم مسؤولية اختيار من يقودهم من طريق الجمعيات العمومية، والتي تشكو عدم التفعيل، في خطوة أجزم أنها ستنشر ثقافة “رأي الأغلبية” الذي يجب احترامه والتساير معه، وعدم التضاد معه، إذ إن التوجه الأخير الذي يهدف إلى إسقاط هذه الإدارات المُنتخبة سيواجه بحزم شديد من الكثير سواء رسمياً أو جماهيرياً في ظل أنه خيار الأغلبية التي رأت في رئيسها المنتخب الخيار الأفضل، ولذلك يجب تركهم حتى نهاية فترتهم المنصوص عليها، ومن ثم منافستهم في الانتخابات المقبلة. أما آلية التكليف فيجب العمل على تقييدها بقوة وعدم العمل بها إلا في نطاق ضيق جداً، ما يفوت الفرصة على هواة المعارضة داخل الأندية، والذين لا يعيشون إلا في جو مشحون مليئ بالصراعات التي اعتادوا عليها. وأتساءل: لماذا لا تشهد نهاية الموسم الحالي مرحلة جديدة يُعلن فيها حل جميع مجالس إدارات الأندية، وفتح أبواب الترشيح للجميع، وعدم استثناء أحد في ظل حديث عن وجود قوائم سوداء لا يحق لها الترشح في بعض الأندية؟ وأزعم أن هذه الخطوة من شأنها أن تعيد بعض الرؤساء الحاليين إلى مناصبهم في ظل حظوتهم من قبل أنصار فرقهم الذين سيقفون إلى جوارهم في الانتخابات، في حين سيبتعد كل من لايجد قبولاً، وبالتالي ستغيب الصراعات داخل الأندية وتحظى بجو صحي افتقدته خلال الفترة الماضية. كما أنها ستسهم في إشعار المشجع الرياضي بأهمية صوته، والأخذ برأيه، خلاف توفير مبالغ مالية مجزية نظير إشتراكات الجماهير في بطاقات العضوية التي تتيح له حق التصويت على الرئيس أو سحب الثقة منه. إجمالاً إنشغالنا بانتخابات اتحاد الكرة والإشكالات المصاحبة لهذا الملف يشير إلى تقصيرنا منذ سنين في انتخابات الأندية، وبالتالي وجود قصور كبير رسمي وإعلامي وجماهيري في التعامل مع هذا الملف الذي ربما يرمينا في دوامة التجميد، وحينها لن ينفعنا هواة ترديد شعار: “كل شيء تمام طال عمرك”.