2012-12-26 | 07:15 مقالات

ليتني ما عرفته

مشاركة الخبر      

رحم الله الوجه (البشوش) الإنسان الطيب والقلب المتسامح الأمير تركي بن سلطان بن عبدالعزيز الذي تألمت وتكدرت كثيرا بعد علمي بنبأ وفاته (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته) لما له من مكانة كبيرة في قلبي وهذه المكانة لم تأت من جاه ومال إنما من خلال محبة صادقة غرسها بكرم ودماثة خلقه الرفيع وأدب تواضعه ورقي فكره، مرات قلائل التي كان لي شرف مقابلته على (عجل) في مناسبات إعلامية تلبية لدعوة تلقيتها منه شخصياً حيث يصافحني بابتسامة عريضة وكلمات ترحيب يشعرك بأنك ضيف عزيز عليه يستقبلك أحسن استقبال وكأنك زرته في بيته. ـ كما أن لصوته الذي كنت أستقبله عبر مكالمة هاتفية من جواله الشخصي بعيدا عن (برستيج) شرب وأكل عليه الدهر عن طريق (مأمور سنترال)، كانت لي معه لحظات عابرة من التأمل لحوارات تناقش رأياً طرحته هنا في هذا الهمس اليومي أو من خلال ما أتحدث به تلفزيونياً، حيث لمست فيه دقة الملاحظة والمتابعة لكل ما ينشر، وأيضا لما يبث حتى ما يتم عرضه في القنوات الخاصة، يخاطبك بلغة تجذبك إلى مواصلة الحوار معاه وكأنه جالس أمامك كاسرا كل الحواجز التي تجعلك متحفظاً في كلامك خوفاً وخشية من (هيبة) أمير مسؤول، حتى عندما تختلف معه في وجهة نظر إن اقتنع بها سمعت منه كلمة (صحيح) معقباً معها بـ(لكن)، ولكن هذه التي ينطق بها رغبة في مزيد من التوضيح لها صدى لحن محبب إلى نفسي لأنها (تسحبني) معه في نقاش يمتد إلى مواضيع إعلامية ورياضية أخرى وأحياناً إلى قضايا عامة حيث يفتح صدره لك بـ(بساطة) مواطن عادي تجد من خلال حديثه الممتع أنه لا فرق بينك وبينه حول آهات كنت تظن أنك الوحيد الذي يعاني منها لتلمح روح المشارك التي تدعوك إلى اختيار لفظ يحس من خلاله حجم تقديرا لشخصه الكريم ولأسرة مالكة حبانا الله بها، وفي ذلك نعمة كبيرة لا تمنعني سعادة الإحساس بهذا الشعور الإفصاح عما يدور في خلدي من محبة صادقة أعبر عنها في تفاعل تلقائي مقابل لحظة (نفس) فيها هو الآخر و(فضفض) عما في خاطره لأقول له (الله يحرمنا منكم) ليرد ولا من أمثالك. ـ أتذكر أول مكالمة جوال تلقيتها منه كانت عبارة عن ملاحظة أزعجته بسبب خطاب الإعلام الاتحادي وذلك قبل عدة أعوام حينما كنت مديرا للمركز الإعلامي لنادي الاتحاد، حيث أبدى استعجابه الشديد تركيزه عند تحقيق إنجاز على ترديد الشكر والتقدير لأسماء معينة دون لمسة (وفاء) للرمز الأمير طلال بن منصور الذي لا يقارن دعمه وتضحياته بكل الأسماء التي (يطنطن) لها البعض من المحسوبين على إعلام العميد، فوافقته على تلك اللفتة الرائعة واستأذنته بمداخلة تلفزيونية كمبادرة تدعم لمسة الوفاء التي حركت شجوني ومشاعري نحو شخصية رياضية لن ينساها الاتحاديون والمجتمع الرياضي عموماً حتى وإن غابت عن المشهد الرياضي فأبدى ترحيبه مستجيباً لهذه المبادرة. ـ أما مكالمته الأخيرة لي كانت بعد منتصف الليل لي قبل شهرين تقريبا عقب انتهائي من مشاركتي في إحدى حلقات برنامج (ديوانية اللاين) تعقيباً على مطالبتي لوزارة الثقافة والإعلام بأن تكون مرنة في طريقة (تسويقها) لمباريات دوري زين وذلك بالسماح للقنوات المحلية والخليجية بنقلها وتغطيتها بفكر يعود بدخل مادي أفضل للتلفزيون السعودي ويحقق انتشارا أقوى للكرة السعودية، فأوضح لي المسببات التي أدت إلى اتخاذ قرار (الاحتكار) الحصري والذي لا علاقة بالوزارة به كجزء من حرص قيادتنا (حفظها الله) على سمعة الوطن وأبنائه كتوجه يمثل (خطاً أحمر) لا يمكن الاقتراب منه رغم كل المغريات الجذابة لمتابعة الدوري والكرة السعودية عموماً بصفة عامة. ـ رحم الله تركي بن سلطان الأمير الإنسان، تلك الشخصية التي تعد من بين الشخصيات الرياضية القلائل جدا التي تشرفت بمعرفتها وبعدما فارقتنا وتركت لنا ذكرياتها العطرة تمنيت بحكم فترة قصيرة تلاقت فيها أرواحنا في حب كان بلا (ميعاد) وبعفوية مشاعر تخاطب الوجدان والعقول معاً أن معرفتي به كانت خارج ذلك التواصل الذي بدون أدنى شك عقب غياب سيطول كثيرا سأفتقد ذلك الوجه الباسم، وصوت لن يعود إنما سيظل محفوظاً بـ(لكن) بما لها من تأثير يتعب كل فؤاد أحب هذه الشخصية البسيطة المتواضعة، اللهم اغفر له ونور قبره وأغدق عليه برحمتك الواسعة وألهم أهله وذويه وكل محبيه الصبر والسلوان على فراقه (اللهم آمين).