النجاح التجاري، ليست له مقاييسُ ثابتةٌ، أي أن ما يُدرَّس عن التجارة هناك ما يناقضه خارج قاعات المحاضرات «الأسواق».
لا يمكن تثبيت أي دراسةٍ لسلوك المشترين، لأن عقول البشر مزاجيةٌ، ويسهل إقناعها بما هو حقيقي، وبما هو وهمٌ! وكنت قد قرأت عن أغرب المشروعات التجارية التي حققت نجاحاتٍ، وتأمَّلت العقل البشري الذي مهما بلغ من التجارب والمعرفة، لا يتردَّد بالتنازل عنها عندما يأتي مَن يبيعه الوهم.
في عام 1975، اقتنع الأمريكي «جاري دال» بأن العقل ينجذب إلى ما هو غريبٌ وجديدٌ، وأنه يحب خوض التجربة، خاصَّةً تلك التي لا تكلفه كثيرًا، لذا قرَّر أن يبيع صخورًا عاديةً بوصفها «حيواناتٍ أليفةً»، بل وأفضل من الحيوانات الأليفة، لأنها لا تأكل، ولا تشرب، ولا تحتاج إلى التنظيف، فراهنه أصدقاؤه على أن فكرته عبثيةٌ، وأنه سيصبح أضحوكةً، وستبقى سيرة مشروعه الفاشل تلاحقه بقية عمره. لم يهتم جاري بما قالوه، وقدَّم حيوانه الصخري الأليف في علبةٍ بها ثقوبُ تهويةٍ، وسريرٌ من القشِّ، وكتيِّبٌ لتعليمات العناية بالصخرة، وحدَّد سعره بأربعة دولاراتٍ، ووزَّع منتجه في محلاتٍ كثيرةً، فباع خلال ستة أشهرٍ 1.4 صخرة، وربح الملايين!
لا يمكن لأي اقتصادي أن يُفسِّر لي شراءَ الناس هذه الصخرة بطريقةٍ منطقيةٍ، فلا منطقَ في ذلك، ولا نظرياتٍ أكاديمية. إنه مزاج العقل الذي قَبِلَ شراء صخرة بوصفها حيوانًا، وأنا على يقينٍ بأن نصف الذين اشتروا الصخرة، كانوا يُلقون نظرةً عليها ليتأكَّدوا من سلامة تنفُّسها من ثقوب العلبة!
وفي عام 2014، أُطلق تطبيق مراسلةٍ، لا يكتب إلا كلمة yo فقط، ترسلها لأصدقائك دون سببٍ، أو معنى! فيبدو التطبيق بلا فائدةٍ، أو معنى! لكنْ صاحب التطبيق جمع مليون دولارٍ من الـ yo! لا أحد من خبراء التقنية مهما بلغ ذكاؤه كان سيقول إن إطلاق تطبيقٍ، لا يُرسِل إلا كلمة yo، سيكون فكرةً رابحةً.
يُقال: إذا أردت بيع مُنتَجٍ بسعرٍ مبالغٍ فيه فعليك أن تخلق له قصةً، وكلما حبكت القصة، حصلت على مشترين كُثرٍ، أي أنك في الحقيقة لا تبيع المنتج، وإنما القصة! وأذكرُ أنني في أحد معارض العطور الفاخرة، وكان البائعون والعطَّارون، يروون قصص عطورهم، التقيت بائعَ زيوتٍ عطريَّةٍ، تُصنَع منها العطور. كان أوروبيًّا، ولأنني كنت متعبًا من الدوران في المعرض، وسماع كثيرٍ من القصص المختلقة، سألته مباشرةً: بكم هذا الزيت العطري دون قصته؟ ضحك، ودعاني للجلوس، وبعد دردشةٍ قصيرةٍ، قال: إنه بوصفه بائعًا مدرَّبًا على ذكر القصة لكل مَن يسأل عن عطرٍ ما مقتنعٌ بأن القصة هي التي تبيع العطر!
ويبدو أن فكرة أن القصة هي التي تبيع المُنتَج فكرةٌ قديمةٌ، واستخدمتها شركةٌ تبيع المياه حيث قالت: إن مياهها نقيةٌ ومقطَّرةٌ من جليد أيسلندا وأنهارها! بل وقدَّمت المياه بوصفها مشروبًا فاخرًا، واستهدفت الزبائن الأثرياء. تبيع الشركة الناجحة زجاجة المياه بما يعادل 90 دولارًا! بمعنى: إذا جلس ثلاثة أثرياء على طاولةٍ، وشربوا ماءً فقط، فسيدفعون ألف ريالٍ.. yo.
لا يمكن تثبيت أي دراسةٍ لسلوك المشترين، لأن عقول البشر مزاجيةٌ، ويسهل إقناعها بما هو حقيقي، وبما هو وهمٌ! وكنت قد قرأت عن أغرب المشروعات التجارية التي حققت نجاحاتٍ، وتأمَّلت العقل البشري الذي مهما بلغ من التجارب والمعرفة، لا يتردَّد بالتنازل عنها عندما يأتي مَن يبيعه الوهم.
في عام 1975، اقتنع الأمريكي «جاري دال» بأن العقل ينجذب إلى ما هو غريبٌ وجديدٌ، وأنه يحب خوض التجربة، خاصَّةً تلك التي لا تكلفه كثيرًا، لذا قرَّر أن يبيع صخورًا عاديةً بوصفها «حيواناتٍ أليفةً»، بل وأفضل من الحيوانات الأليفة، لأنها لا تأكل، ولا تشرب، ولا تحتاج إلى التنظيف، فراهنه أصدقاؤه على أن فكرته عبثيةٌ، وأنه سيصبح أضحوكةً، وستبقى سيرة مشروعه الفاشل تلاحقه بقية عمره. لم يهتم جاري بما قالوه، وقدَّم حيوانه الصخري الأليف في علبةٍ بها ثقوبُ تهويةٍ، وسريرٌ من القشِّ، وكتيِّبٌ لتعليمات العناية بالصخرة، وحدَّد سعره بأربعة دولاراتٍ، ووزَّع منتجه في محلاتٍ كثيرةً، فباع خلال ستة أشهرٍ 1.4 صخرة، وربح الملايين!
لا يمكن لأي اقتصادي أن يُفسِّر لي شراءَ الناس هذه الصخرة بطريقةٍ منطقيةٍ، فلا منطقَ في ذلك، ولا نظرياتٍ أكاديمية. إنه مزاج العقل الذي قَبِلَ شراء صخرة بوصفها حيوانًا، وأنا على يقينٍ بأن نصف الذين اشتروا الصخرة، كانوا يُلقون نظرةً عليها ليتأكَّدوا من سلامة تنفُّسها من ثقوب العلبة!
وفي عام 2014، أُطلق تطبيق مراسلةٍ، لا يكتب إلا كلمة yo فقط، ترسلها لأصدقائك دون سببٍ، أو معنى! فيبدو التطبيق بلا فائدةٍ، أو معنى! لكنْ صاحب التطبيق جمع مليون دولارٍ من الـ yo! لا أحد من خبراء التقنية مهما بلغ ذكاؤه كان سيقول إن إطلاق تطبيقٍ، لا يُرسِل إلا كلمة yo، سيكون فكرةً رابحةً.
يُقال: إذا أردت بيع مُنتَجٍ بسعرٍ مبالغٍ فيه فعليك أن تخلق له قصةً، وكلما حبكت القصة، حصلت على مشترين كُثرٍ، أي أنك في الحقيقة لا تبيع المنتج، وإنما القصة! وأذكرُ أنني في أحد معارض العطور الفاخرة، وكان البائعون والعطَّارون، يروون قصص عطورهم، التقيت بائعَ زيوتٍ عطريَّةٍ، تُصنَع منها العطور. كان أوروبيًّا، ولأنني كنت متعبًا من الدوران في المعرض، وسماع كثيرٍ من القصص المختلقة، سألته مباشرةً: بكم هذا الزيت العطري دون قصته؟ ضحك، ودعاني للجلوس، وبعد دردشةٍ قصيرةٍ، قال: إنه بوصفه بائعًا مدرَّبًا على ذكر القصة لكل مَن يسأل عن عطرٍ ما مقتنعٌ بأن القصة هي التي تبيع العطر!
ويبدو أن فكرة أن القصة هي التي تبيع المُنتَج فكرةٌ قديمةٌ، واستخدمتها شركةٌ تبيع المياه حيث قالت: إن مياهها نقيةٌ ومقطَّرةٌ من جليد أيسلندا وأنهارها! بل وقدَّمت المياه بوصفها مشروبًا فاخرًا، واستهدفت الزبائن الأثرياء. تبيع الشركة الناجحة زجاجة المياه بما يعادل 90 دولارًا! بمعنى: إذا جلس ثلاثة أثرياء على طاولةٍ، وشربوا ماءً فقط، فسيدفعون ألف ريالٍ.. yo.