الكنز في حديث الرمز
في حديثه للعربية، أعطى الأمير خالد بن عبدالله درسًا إعلاميًا في الوضوح والشفافية ودقة المعلومة وحتى عدم التجريح، ولا غرابة أن يظهر بهذه الصورة، فهذا ديدن أحاديثه ولقاءاته التلفزيونية وتصريحاته الصحفية، وربما نعد ذلك من سماته الشخصية وطباعه الأصيلة في التعامل مع الآخرين، وهو ما يقودني لأن أتساءل : ماذا لو كانت أحاديث المسؤولين الرياضيين أو رؤساء الأندية وأعضاء شرفها بهذه الشفافية والمستوى العالي من الصدق في طرح المشكلات وإيجاد الحلول؟ أعتقد أننا حينها نستطيع ملامسة حقيقة العوائق التي تعترض رياضتنا وكرتنا والعمل في مناخ ملائم للتطوير وتطبيق الأفكار التي تنهض بالكرة السعودية في ظل وجود فكر رياضي مثمر في مقابل ما نشاهده من جدليات بيزنطية وتشكيك واتهامات تحملها أحاديث كثير من المسؤولين وإداريي الأندية، تحملنا بعيدا عن الواقع وتسير بنا في طريق مجهول، تختفي في نهايته حقيقة المشكلات التي تعاني منها الكرة السعودية وإدارات الأندية والأجهزة الفنية والإدارية.
ـ حديثه أتى في دقائق معدودة على جوانب مهمة في العمل الرياضي وفي استقطاب المدربين ورحيلهم وفي العمل الإداري ومجيء رؤساء الأندية وابتعادهم وعدم إكمال دورتهم الرئاسية واستراتيجيات إدارات الكرة والأجهزة الفنية وتغيير المدربين من واقع خبرة طويلة يحملها الرجل.. وفي ظني أن حديثه بالمجمل لم يكن موجهًا للأهلاويين فحسب بل لجميع الأندية والرياضيين وإن كان الأهلي وما دار فيه في الأشهر الماضية على الصعيد الإداري والفني مثالاً.
ـ الجزئية الثرية التي جاءت في معرض كلامه كانت حول أسباب رحيل قوميز وإعادة جروس، فهو لم يحمل قوميز مسؤولية الظهور غير المرضي للأهلي فنيًا مطلع هذا الموسم الذي دخله كفريق بطل يحمل طموحات كبيرة، والتمس العذر له في عدم تشرب اللاعبين لطريقته الفنية التي أتت بعد انسجامهم مع جروس لموسمين وانخراط عدد كبير من لاعبي الأهلي مع المنتخب في تصفيات آسيا وهي كما نعرف تصفيات طويلة الأمد، فكانت عودة جروس هي الحل الأمثل كونه ليس غريبًا على اللاعبين الذين حققوا في ظل إدارته الفنية بطولتين وفي نفس الوقت تلغي أي أعذار أو تبريرات في المستقبل من جانب اللاعبين حول عطاءاتهم.
ـ طارق كيال صاحب الخبرة العريضة وصاحب الدور الإداري الإيجابي في مسيرة الأهلي نحو الدوري والكأس خانته خبرته في التعامل مع ملف إدارة المنتخب وهو الذي كان اسمه يتردد طويلا خلال تلك الفترة ، ولو إنه أشعر صناع القرار أو المسؤولين في الأهلي آنذاك لتفادى الحرج في أمر مغادرته خاصة أنه كان يعد للموسم الجديد على مستوى الكوادر التي تعمل معه أو على مستوى التعاقدات الفنية والعناصرية، وأزيد هنا إنه حتى أسطوانة الآلام المزمنة التي يعاني منها تيسير التي خرج بها بيان المنتخب كان يفترض من طارق أن يتدخل لعدم خروجها بهذا الشكل غير اللائق طالما أن معظم لاعبي الأندية والمنضمين للمنتخب تتشابه إصاباتهم ومروا بنفس هذه الظروف.
ـ كل الأندية الكبيرة عانت إداريًا وليس معنى استمرار إدارة لاستكمال فترتها الرئاسية دليل نجاحها، فهذا فيصل بن تركي رغم أنه يقضي فترته الثانية إلا أن جماهير النصر غير راضية على عمل إدارته، وخرج عبدالرحمن بن مساعد بعد سنوات طويلة وجماهير الهلال تمني نفسها بالآسيوية دون بلوغ هذا الهدف، والاتحاد عاش أزمات إدارية متتالية نتجت عنها ديون وافرة دون نتائج، الأهلي ربما يختلف في كون سياسة إدارته للأزمات خاصة في السنوات الأخيرة تعتمد على نسق متوازن تحت مظلة شرفية داعمة تحتوي كل فراغ إداري سريعاً وتوفر له الدعم، وإدارات فهد بن خالد والزويهري والمرزوقي تباعا مثال لهذه الانسيابية.
ـ إذا كان هناك من مباركة للأخضر فهي على عودة الروح وعلى عودة الحياة للمدرجات.. نحن متفائلون بأن يكون الأخضر أفضل وأخطر، وما قدمه أمام أستراليا يقودنا للترقب أمام الإمارات.. نريد النقاط الثلاث، بنفس الأدوات وبهذا العدد من الجمهور الحي المتفاعل.