القائد السابق والحارس العملاق المعتزل يكشف عن قصة التهميش والرحيل

الدعيع: تتويج الهلال.. ظلم

حوار: خالد الشايع

سطَّر الدولي المعتزل محمد الدعيع، حارس مرمى الهلال والمنتخب السعودي الأول لكرة القدم السابق، اسمه بحروف من ذهب بإسهامه في حصد فريقه والأخضر الكثير من الإنجازات.
الدعيع الفائز بلقب “حارس القرن الآسيوي”، حقق العديد من الألقاب، ابتدأها من الصغر بفوزه بكأس العالم للناشئين.
وعلى الرغم من انطلاقة مشواره من الطائي، إلا أنه اقتحم صفوف المنتخب السعودي بقوة، وبعد انتقاله إلى الهلال عام 1999، أسهم معه في حصد العديد من البطولات حتى اعتزل اللعب قبل انطلاق موسم 2010.
في حواره مع “الرياضية”، سلَّط الدعيع الضوء على الكثير من الأمور، على رأسها مشكلة جيريتس، وابتعاده عن الفريق.
01
نبدأ من حيث توقفت، لماذا لم تستثمر خبرتك الطويلة بالعمل مدربًا بدلًا من التحليل الرياضي؟
الآن، أرتِّب أوراقي ومشاركاتي حتى أرسلها إلى الاتحاد الآسيوي للحصول على الرخصة التدريبية، خاصة أنه يمنح اللاعب الدولي استثناءً من الرخصة C، وسأكمل الملف، وأرفقه عن طريق عبد اللطيف الحسيني، المدرب السعودي، وسأذهب لـ B أو A مباشرة، بعدها سأطوِّر من نفسي لأصبح مدربًا.
02
ألا تشعر بأنك تأخرت كثيرًا في هذه الخطوة التي كان من المفترض أن تتخذها قبل ثمانية أعوام؟
كلا، لو دخلت مجال التدريب، سأضطر إلى الوجود يوميًّا من الـ 03:00 إلى 11:00 في النادي، بينما أحصل من التحليل الرياضي على أكثر من ذلك بكثير خلال ساعتين فقط أسبوعيًّا. الأمر الآخر أنني أريد العمل في الأكاديميات، لأنه سيكون من الصعب علي الوجود مع الفريق الأول، فكل مدرب يأتي، يريد أن يعتمد على طاقمه الخاص به، وفرصتي ستكون ضئيلة في العمل، وحتى إذا عملت مع الفريق الأول، فلن أحصل على مردود مادي جيد، لأننا نتعامل مع المدرب السعودي على أنه مدرب طوارئ فقط، والدليل على ذلك أنه لا يوجد مدرب سعودي واحد في دوري المحترفين سوى خالد العطوي في الاتفاق.
03
في العام الماضي، أبديت استياءك من تعامل القناة التي كنت فيها، فما القصة؟
المسألة كانت تتعلق بتكليف المباريات. في السابق كنا نحلل من دبي في الاستديو، لكن عندما تم نقل المباريات عبر القناة الرياضية السعودية، بات من الصعب أن تتنقل بسيارتك الخاصة، أو يتم منحك سيارة، لأن رحلة العودة بالطائرة في اليوم التالي، وهذا الأمر كان مرهقًا لي، حيث كنت أتنقل بين الأحساء والمجمعة والرياض والقصيم بالسيارة. اختيار المباريات كان مزعج جدًّا بالنسبة إلي، إذ كانوا ينقلونني بين المدن، مثل القصيم ثم المجمعة ثم المنطقة الشرقية، دون تنسيق.
04
هل شعرت بأنها محاولة “تطفيش” لك؟
يمكن لِمَ لا. أنا لا أدخل في حروب مع أحد، لكن ما حدث معي ربما يكون “تطفيش”، ومع ذلك لن أدخل في النيات. لو حصل ذلك وجهًا لوجه، وقال لي: “ما أبيك”. هنا يمكن أن أرد عليه.
05
هل للأمر علاقة بالميول الرياضية وعدم قبول محمد الدعيع، كما تداول بعضهم؟
في العام الماضي، كنت مكلفًا بمباريات الهلال فقط، أما في السابق، فكنت أحلِّل لجميع الفرق. صحيح أنني أحب الهلال، لكنني في التحليل دائمًا ما أكون محايدًا، وأقول للجيد إنه جيد، والعكس صحيح، لكن أن يأتي ويقول لي إنك قلت عن هذا الفريق، أو انتقدت فريقًا آخر، هنا تدخل الميول في التقييم، لذا فضلت الابتعاد لأرتاح.
06
اعتزلت قبل 11 عامًا، هل شعرت بأنك استعجلت الاعتزال، وأنك كنت قادرًا على العطاء لمدة موسمين إضافيين على الأقل؟
عندما اعتزلت، كنت أعرف أنني قادر على العطاء لمدة ثلاثة مواسم إضافية، لكن كانت لدي مشكلات مع البلجيكي جيريتس، لذا فضلت الابتعاد لكيلا يتم تهميشي، وفي العام السابق لاعتزالي، اختار حسن العتيبي للمشاركة في بطولتي كأس الملك وولي العهد، وأنا في الآسيوية والدوري. فكرت أنني سأجلس شهرًا كاملًا دون أن ألعب في كأس الملك، قلت له: أعطني بعض مباريات كأس الملك، ولحسن العتيبي بعض مباريات الدوري، لأن الحارس إذا ما ابتعد فترة طويلة عن المباريات، فإنه يفقد حساسية الإمساك بالكرة، لكنه رفض ذلك، وتأكدت من أنني إذا بقيت، فسأعاني من صداع كبير.
07
بعد توقف الدوري بسبب كورونا، علت أصوات تطالب باستئنافه ولو بعد أشهر، في حين رأى آخرون ضرورة إنهائه وتتويج المتصدر، مع مَن تقف؟
من الصعب جدًّا إنهاء الدوري حتى لو كان الهلال متصدرًا بفارق ست نقاط، لأن هناك أيضًا مسألة الصعود والهبوط، ودوري الدرجة الأولى والثانية، لذا سيكون إلغاء الدوري ظلمًا لهذه الفرق، مثلًا العين ينتظر فرصة الصعود منذ عقود، وإلغاء الدوري ظلم كبير له.
08
ليس إلغاء الدوري، بل إنهاءه وتتويج المتصدرين، ما رأيك؟
لا أعتقد أن الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” يقبل بذلك، لأنه رفض تتويج بطل الدوري البلجيكي، وطالب باستمرار الدوريات ولو بعد شهرين، أو ثلاثة، فالقصة ليست متصدرًا فقط، فهناك أيضًا صعود وهبوط. في الدوري السعودي تبقَّت ثماني جولات، يمكن إنهاؤها في شهر ونصف الشهر، والقضية ليست محصورة في الدوري السعودي فقط، بل وتشمل دوريات العالم كله. وفي تصوري، من الأفضل استكمال الدوري بعد أن تتحسن الأمور، واعتبار فترة التوقف مثل المعسكرات التي تكون في بداية الموسم.
09
الهلال يعيش أفضل حالاته، هل تراه قادرًا على الاستمرار في القمة، أم أنه سينهار مثل الموسم الماضي؟
بالتأكيد، أراه قادرًا على الاستمرار والفوز بلقب الدوري، خاصة أن إدارة الهلال تعمل في الموسم الجاري بصمت وبعيدًا عن الضجيج، والآراء العاطفية، كما أن لدينا جهازًا فنيًّا جيدًا، وجهازًا طبيًّا على مستوى عال، وعمل الجهاز الطبي يقلِّل من الإصابات وغياب اللاعبين.
10
الكثيرون غير راضين عن طريقة رازفان لوشيسكو، مدرب الهلال، في عملية التدوير، من جهتك، مَن تؤيد رازفان أم منتقديه؟
من المستحيل لعب المباريات بالفريق نفسه، كما أن نظرة الجهاز الفني تختلف عن نظرة الجمهور، ويصعب الاستمرار في المنافسة دون تدوير، إذ لابد أن تجهز 24 لاعبًا على الأقل لذلك، ومن المهم أن يستوعب الفريق كله خطة المدرب وينفذها بغض النظر عن الأسماء.
11
لكن قد يخسر الفريق في أي مباراة بدليل مباراة ضمك التي تعرض فيها للضغط؟
من الصعب اللعب بتشكيل واحد. عملية التدوير تريح بعض اللاعبين حتى يلعبوا في المباريات الأكثر قوة، خاصة أن الفريق لا يلعب في الآسيوية بجميع أجانبه، ومن الجيد أن يمنح المدرب كافة اللاعبين فرصة اللعب، مثلًا نواف العابد يحتاج إلى مباريات أكثر للعودة إلى مستواه.
12
هل تعتقد أن نواف العابد قادر على العودة إلى مستواه قبل الإصابات؟
بالتأكد. أنا أعرف نواف العابد جيدًا، وزاملته في بعض الأعوام، هو يعطي الكثير في التدريب والمباريات، ومتى ما ضبط إيقاع حياته خارج الملعب، ونام جيدًا، وتدرَّب جيدًا، وأكل جيدًا، واستمع إلى كلام الأطباء، حينها لا خوف عليه.
13
هل ترى أنه لا يستمع كثيرًا إلى كلام الأطباء؟
هذا يعود إلى طبيب النادي، واللاعب أيضًا.
14
الهلال والنصر يتنافسان على اللقب في ظل ابتعاد الأهلي والشباب والاتحاد، لماذا لم تستفد بقية الأندية من المحترفين الأجانب السبعة مثل القطبين؟
هذا الأمر يعود للتوفيق في الاختيار، ويتعلَّق بخبرة مَن يختار اللاعبين. سامي الجابر كان له دور كبير في التعاقد مع جوميز، وكاريلو عندما كان رئيسًا للنادي، وحتى عندما تغيَّرت إدارة الهلال، بتسلُّم محمد بن فيصل زمام الأمور، ثم فهد بن نافل، أصرَّ ابن نافل على استمرار اللاعبَين مع الفريق لقيمتهما الكبيرة، وهذا الفرق بين إدارات الأندية وإدارة الهلال التي تنظر إلى مصلحة الفريق ولا تبحث عن مجد شخصي من خلال تغيير الأجانب بإحضار لاعبين آخرين، حتى يُحسب الفوز للإدارة الجديدة. كذلك الحال مع النصر، حيث وُفِّقَ النادي في استقطاب نور الدين أمرابط، وعبد الرزاق حمد الله، لكنه لم يُوفَّق في أحمد موسى، وجوليانو، وسارت إدارة السويكت على نهج الإدارة السابقة نفسه، لذا جاء الهلال والنصر الأفضل من حيث اختيار اللاعبين الأجانب، وعند النظر للأهلي والاتحاد، فما عدا عمر السومة المستمر منذ مواسم عدة، لم يُوفَّق الناديان في بقية اللاعبين، وكل رئيس يأتي يريد أن يحضر لاعبين جددًا.
15
ما الذي يميِّز الهلال والنصر عن بقية الأندية؟
ما يميز الهلال، أن لاعبيه المحليين أفضل من الموجودين في النصر والأهلي والاتحاد، أما النصر فبدأ في تصعيد عدد من اللاعبين الصغار الذين سيكون لهم شأن كبير مستقبلًا، وهذا عمل جيد من الإدارة.
16
مشكلة الهلال أن أعمار بعض لاعبيه كبيرة عكس النصر الذي تعاقد مع لاعبين أصغر سنًّا، هل يمكن أن يتضرر الهلال من ذلك مستقبلًا؟
لا أعتقد ذلك، فأعمار لاعبي الهلال تحت 30 عامًا، ومع عودة الدوري الأولمبي، سيستفيد الهلال من ذلك، وقمة عطاء اللاعبين بين 27 و30 عامًا.
17
ألم يفرِّط الهلال في عدد كبير من اللاعبين الصغار مقابل التمسُّك بكبار السن، مثل محمد الشلهوب؟
أختلف معك، فمحمد الشلهوب لاعب مهم، كذلك لا يمكن أن أصعِّد لاعبين شبابًا دون وجود لاعبين خبرة في الفريق. هؤلاء اللاعبون الصغار يجب أن يستفيدوا من لاعبي الخبرة وأبناء النادي، ومحمد الشلهوب قامة ومدرسة بحد ذاته في الأخلاق والأداء، ونموذج للاعب الذي يجب أن يُستفاد منه.
18
لكن بهذا المعدل العمري قد يسقط الهلال بعد مواسم؟
لا أعتقد ذلك، فسياسة الهلال، تعتمد على تصعيد لاعبَين، أو ثلاثة للفريق الأول، أيضًا لا ننسى صفقة مد الله العليان الذي سيساعد على تحفيز محمد البريك أكثر. أنا مثلًا الذي ساعدني على التألق أكثر وجودي في الهلال مع أنني حضرت إليه وأنا حارس للمنتخب السعودي الأول، وحققت مع الفريق جميع البطولات بمختلف مسمياتها خلال 12 عامًا فقط.
19
بما أن الهلال يضم لاعبين مميزين، كما تقول، لماذا ينتقده جمهوره دائمًا على الرغم من انتصاراته؟
جمهور الهلال يختلف عن أي جمهور آخر في العالم. أذكر أننا حققنا في أحد المواسم بطولة الدوري بالهدف المعروف بـ “شعرة ياسر”، ثم بعدها بأسبوع، لعبنا مع الاتحاد في كأس الملك وخسرنا، فهاجمنا جمهورنا بعنف. جمهور الهلال تعوَّد على البطولات، ولا يقبل بالخسارة. لماذا في رأيك وصلنا إلى 59 بطولة؟ بالطبع بسبب هذا الجمهور الذي لا يقبل ببطولة واحدة. الفريق حقق بطولة آسيا، واليوم يريد بطولة الدوري ولا يقبل بغيرها.
20
في الموسم الماضي، هل تسبَّبت إقالة جيسوس في معاناة الهلال وضياع الدوري في نهاية الموسم؟
الهلال عانى من كثرة المشاركات والبطولات، ومن الخطأ اللعب في كافة الاتجاهات، يجب على أي فريق تحديد الأولويات، واللاعب ليس آلة، حتى الآلة إن لم تطفئها قليلًا فستتعطل، لذا عندما وصل الفريق إلى مراحل الحسم، دخل لاعبو الحسم في مرحلة تراجع للمستوى، حتى جوميز وصل إلى مرحلة لم يعد يستطيع فيها التحرك جيدًا. كما أن الهلال في الشوط الأول دائمًا ما يهدر العديد من الفرص، وفي الشوط الثاني، تكون الكرة فيه مع الخصم. الهلال لا يعرف اللعب بطريقة دفاعية، مثلًا أمام النصر في الموسم الجاري، أهدر الفريق في الشوط الأول ثلاث فرص محققة، وكان يمكن أن يحسم المباراة من الشوط الأول، وأيضًا حدث هذا أمام الفيحاء. هناك مباريات يهدر فيها الهلال الكثير من الفرص.
21
لو لم يتم إقالة جيسوس، هل كان سيحدث ما حدث؟
لا أستطيع الجزم بذلك. هي سياسة مدرب، ربما تحدث وربما لا.
22
كون المنافسة حاليًّا بين الهلال والنصر ألا يعدُّ هذا مزعجًا للهلاليين أكثر من أنها لو كانت بين الهلال والأهلي، أو الاتحاد؟
كلا، فالتنافس موجود بين الفريقين حتى لو ابتعد النصر عن البطولات.
23
المقصود، أن وجود النصر بوصفه منافسًا فيه ضغط أكبر على اللاعبين؟
على العكس تمامًا، هذا التنافس يرفع الفريق للأعلى، ويختلف عن التنافس مع الاتحاد، أو الأهلي.
24
لو خيَّروك بين أن يكون التنافس بين الهلال والنصر، أو الاتحاد والأهلي، أي فريق تختار؟
سأختار النصر طبعًا، لأن النصر سيرفع من مستواي، عكس التنافس مع الاتحاد والأهلي. عندما تراجع النصر عن البطولات، بدأ مستوى الهلال يتراجع، خاصة عندما كان الهلال يتنافس مع الاتحاد فترات طويلة. الآن الاتحاد يعاني، لذا تراجع مستوى الأهلي، تمامًا كما هبط مستوى الاتفاق بسبب تراجع مستوى النهضة والقادسية. منافسك الحقيقي هو مَن يرفع مستواك في الملعب.
25
البليهي يقدم مستويات جيدة، لكنَّ الجمهور غير راضٍ عنه، ما رأيك؟
البلهي نجم، ظهر مستواه الحقيقي في كأس آسيا، وقدَّم نفسه بشكل جيد. الكل يخطئ، لكن هذه الأخطاء يمكن تعديلها، وفي رأيي سيكون مدافع المستقبل، ولا ننسى المعيوف الذي يُنسب إليه الفضل بعد الله في 70 في المئة من انتصارات الهلال.
26
ألا يكفي خطأ السد؟
بالتأكيد، هو “يشيل” الفريق في أحلك الظروف. الحارس الجيد يظه متى ما أحتاج إليه الفريق. أنا قلت له العب بلسانك، وتحدث مع اللاعبين ووجِّهم، والحمد لله نفذ ما قلت له.