سلِمْلِي عالقلب
خلال رحلة الريجيم الأخيرة، وأقول الأخيرة لأن رحلات عدة سبقتها، في الرحلة الأخيرة تنبهت إلى أن جسد الإنسان يشبه قلب صاحبه، فإن كان القلب قويًا صار الجسد قويًا، وإن كان القلب ضعيفًا كان الجسد ضعيفًا مهما كانت عضلاته كبيرة.
الآن فهمت لماذا قال ذاك العامل المسكين متحسرًا بعد أن اعتدى عليه زميله بالضرب دون أن يدافع عن نفسه: حيل فيه.. قلب ما فيه! قبل الريجيم كانت عندي محاولات لم تكتمل لأن جسدي لم يطاوعني فيها، وكان لا يبالي برغبتي، فيأكل بين الوجبات ما يحلو له، ولا يتردد من أكل شيء قبل النوم، حتى وإن كانت قطع شوكولاتة، كانت محاولات لا تستحق لشدة ضعفها أن تسمى محاولات احترامًا لمعنى المحاولة، أما الأخيرة التي طاوعني جسدي فيها فقد لاحظت أن قلبي كان قويًا جدًا، للدرجة التي كنت أتناول القليل من الطعام لكي أبقى على قيد الحياة، حينها تناغم جسدي مع قلبي وانسجم معه، ولم يشكُ من التعب خلال أوقات المشي الطويلة، ولم يضعف أمام إغراءات روائح الطعام من حوله، ومع أنها كانت طريقة ريجيم خاطئة لأنها قاسية وغير صحية وقد تسبب أضرارًا لأعضاء الجسد، إلا أنني نجوت ولله الحمد وخرجت بأمرين: الأول أنني تخلصت من الوزن الزائد، والثاني أنني تأكدت تمامًا أن قلب الإنسان هو محركه الأول، هو أشبه بالمدير التنفيذي الذي يفعل كل شيء على أرض الواقع، أما العقل فهو المخطط وبمنصب المدير العام، لكن نجاح إدارته العامة مشروط بوجود المدير التنفيذي القوي، نحن نعرف حقائق كثيرة توصلنا إلى حالات شخصية أفضل نود الوصول إليها، وعالم اليوم مليء بالمعرفة المجانية، أما لماذا تفشل محاولات بعضنا في تحقيق غاياتهم وأهدافهم فلأنهم خاضوا رحلتهم بقلب غير مشحون بالطاقة الكافية التي يقود فيها أجسادهم ويطوعها للهدف المهم، فالذين يصحون باكرًا طاردين النعاس من أعينهم ويخرجون بحماس نحو أعمالهم ويكررون ذلك كل يوم يقودهم قلبهم القوي، والذين يخوضون الأفكار الكبيرة يقودهم قلبهم القوي، والذين لا يبالون بمحاولات الإحباط من حولهم يملكون قلبًا قويًا. تجربة الريجيم الأخيرة الناجحة جعلتني أسترجع بعض ما فشلت ونجحت فيه في سنوات مضت، فشلت في أمر كان مهمًا بالنسبة لي، بل كان في غاية الأهمية، كل الأجوبة تقول لي بأنني لم أكن أستحقه، لأنني ذهبت إليه بقلب ضعيف، أما ما خضته بنجاح فكان القلب في أحسن حالاته، منطلقًا لا يرى سوى هدفه، وكان الجسد يعمل بطاقة عظيمة، استلهمها من قوة القلب، الآن أفهم جيدًا معنى المقولة التي يقولها البعض للتشجيع: قوّي قلبك. وأنا بدوري أقولها لكل حالم وطموح: قوي قلبك. سلِمْلِي عالقلب!