2022-07-05 | 23:39 مقالات

كيرة والجن.. فيلم هندي

مشاركة الخبر      

تسمَّرت يوم الأحد الماضي ثلاث ساعات كاملة أمام الشاشة الكبيرة داخل إحدى صالات السينما في “النخيل مول”، أشاهد الفيلم المصري “كيرة والجن”.. وعندما انقضت تلك الساعات الثلاث، وخرجت، تحسَّرت على هذا الوقت المهدر، وعلى قيمة التذكرة، وتحسَّرت أكثر على أحمد مراد.
أرى أن أحمد مراد هو أهم روائي في العالم العربي خلال السنوات الخمس الأخيرة، وأعتقد أنه سيصبح، إذا أمدَّه الله بالعمر، اسمًا استثنائيًّا في تاريخ الرواية والدراما.. كاتبٌ مبهر ومبتكر وخطير، لا يذهب خارج الصندوق فحسب، بل ويأخذك إلى عوالم جديدة، لم يعتد عليها قرَّاء الروايات.. الوقت الذي ضاع هو شيء من الخسائر التي تذهب مع الريح، وقيمة التذكرة هي “فلوس”، و”الفلوس تروح وتجي”.
لكن أحمد مراد صدمني بهذا العمل، المرتبك والمفكَّك.. قصة “كيرة والجن” تتناول حقبةً مهمةً في طريق النضال المصري الطويل للتخلص من آثار الاحتلال الإنجليزي.. يلعب فيه كريم عبد العزيز وأحمد عز دور البطولة، ومقاومة جنود الإمبراطورية البريطانية في قلب القاهرة. الفيلم مأخوذ عن رواية أحمد مراد “1919”، ولم يكن فيلمًا تشويقيًّا، أو بوليسيًّا، أو دراماتيكيًّا حتى أضطر، أنا وغيري، إلى مراقبة تلك اللحظات المنافية للعقلانية، والحد الأدنى من الواقع.. مجموعة من الثوريين، تقتحم معسكرًا للضباط والجنود الإنجليز، وتصطاد منهم العشرات، فيما هم لا يكادون يفقدون سوى واحد منهم.. بهذه التركيبة سارت معظم أحداث الفيلم، الذي يقال إنه مستوحى من حقيقة ماثلة على الأرض.. وطالما أن العمل يمثِّل جزءًا من أحداث واقعية، كان يستوجب عليه الالتزام بهذا الواقع، أو على الأقل ملامسته ولو من بعيد.
تنجح الأفلام الأمريكية، لأنها تقترب كثيرًا من الواقع.. لا أتكلم عن أفلام الأكشن.. هذه، هم يقولون لك إنها مجرد خيالات مشوِّقة.. سيارات تتصادم، وأبراج تتطاير، وأشخاصٌ يسبحون في الهواء الطلق.
الأفلام الهندية، هي التي يؤخذ عليها دائمًا المبالغة وعدم احترام عقول الناس.. المشهد الأخير من “كيرة والجن” يكتشف فيه كريم عبد العزيز وأحمد عز هوية الرجل الذي وشى بهما عند الإنجليز.. كان صديقهم الذي جلس معهم قبل دقائق داخل مطعم في مدينة إسطنبول التركية.. داخل ذلك المطعم تقتحم فرقة عسكرية إنجليزية المكان لاغتيال أحمد عز وكريم عبد العزيز، ثم يتلقى كلٌّ منهما إصابات بالغة، لكنَّ أحمد عز ينجح في التخلص من تلك الهجمة الإنجليزية، ويهرب لملاحقة الخائن سيد رجب، ويتمكَّن من قتله على الكورنيش بعد أن تلقَّى أيضًا طعنات جديدة قاتلة، ثم يعود عز للمطعم الذي ترك فيه كريم، ويتعارك مع فرقة عسكرية إنجليزية مدجَّجة بالسلاح.
طُعِنَ، وأُصيب بطلق ناري في المطعم، وخرج وقاتل، ثم عاد ليحتضن صديقه ورفيقه في مشهد الموت الأخير.. كان فيلمًا هنديًّا بامتياز.. خسارة يا مراد.. والله خسارة.