كريستيانو
رونالدو
لم تعد تستوقفني الأخبار القادمة من روسيا وأوكرانيا، بدأت هذه الأخبار تفقد أهميتها بالنسبة لي، ليس لأنها ليست مهمة وهي التي قد تتوسع وتنتج حربًا عالمية ثالثة، بل لأننا نعتاد، كانت بدايتها مخيفة وأخافت الناس، تساءلت إلى أين ستمتد الحرب العالمية الثالثة إذا وقعت؟
لكن الإنسان إذا طال قلقه يبدأ بالتخلص منه، ليس لأن الخطر زال، بل لأنه يعتاد الخطر فيصبح مألوفًا للدرجة التي لا يهتم به، وهذه فضيلة من فضائل المشاعر أنها متبدلة، ولو بقيت على حال واحدة لفقد الإنسان حياته بسبب الخوف المستمر، أو الحزن الطويل، أو من الملل من حالة المشاعر الواحدة أيًا كانت.
أهم ما استوقفني ودعاني للتأمل هو ما نُشر عن كريستيانو رونالدو، كل ما ينشر يقول بأنه بلا فريق، والأندية لا تقدم له عروضًا، ومن غير المعروف إلى أين سيتجه ومع أي فريق سيلعب.
كشفت لي هذه الأخبار شيئًا من الحقائق التي تخفيها ضخامة أسماء الأندية، أن خلف بعض الأسماء الكبيرة ضحالة في التفكير وجهل مخجل، لكن السمعة تستر، مثلما يفعل المال عندما يخفي عيوب الإنسان، كيف لا يفكر رؤساء الأندية الأوروبية باستغلال هذه الفرصة التاريخية بالتوقيع مع أسطورة مثل كريستيانو رونالدو، فكريستيانو خارج حسابات العمر الافتراضي للاعب كرة القدم، فهو حالة لا تكرر على كرة القدم إلا كل جيل، وقد يمر جيل دون أسطورة، والفريق الذي سيضم رونالدو إليه إنما يضم التاريخ إلى سجلاته، ويضم الفريق إلى سجلات التاريخ الكروي. أسوأ ما حدث في كرة القدم أنها تحولت إلى أموال، مثلها مثل السوبر ماركت ومحطات البنزين والوجبات السريعة، حيث لغة الأرقام فقط، وبكم نشتري اللاعب اليوم وبكم سنبيعه بعد ثلاث سنوات، في الوقت الذي كانت كرة القدم مصدر إلهام للروح، وجبر خواطر للذين يتعثرون في دفع فواتيرهم.
لا عمر افتراضي لكريستيانو رونالدو، وهو الذي رفع في الواقع عمر اللاعب على أرض الملعب، وكان نموذجًا للرياضي الذي يهتم بلياقته، واحترم شهرته الأسطورية بمزيد من التركيز لكي يحافظ على مستواه ويمتع الجماهير، ومن أدار حياته الكروية باحترافية هو وحده الذي يعرف متى يتوقف.
سينسى الجمهور كل أسماء رؤساء الأندية والمدربين الذين رفضوا ضم رونالدو وأضاعوا فرصة ما تبقى من أعوامهم، ولم يسجلوا لأنفسهم ذكريات مهمة مرتبطة باللاعب الكبير، وسيتذكر الجمهور رونالدو كواحد من أساطير كرة القدم، أما الفريق الذي سيضم رونالدو فسيدخل التاريخ، حتى إن كان ناديًا معروفًا، فهذه المرة مختلفة، هذه المرة سيضيف شيئًا أكبر من تحقيق بطولة سبق وحققها فريق منافس، هذه المرة سيقول: كريستيانو رونالدو كان في فريقنا.