كلام في الإعلام
* البرامج التلفزيونية، أو الإذاعية لا تنجح بارتفاع صوت مقدم البرنامج، ولا تصبح مؤثرةً بارتفاع «الصراخ»، والمحتوى الجيد، هو ما ينطق به اللسان، لا ما تلفظه الحنجرة، وأعظم البرامج قدمها الموهوبون في صناعة محتوى إعلامي رفيع وأنيق دون أن «يصارخوا». من أسباب نجاح البودكاست، أنه غير «صراخي»، والمقدمون يقولون كلامًا ذا قيمةٍ. ومن أسباب نجاح الكتب، أن الإنسان يقرأها بصوتٍ داخلي هادئ. إذًا، لا يحتاج مقدم البرنامج التلفزيوني والإذاعي للصراخ ليوصل فكرته إلا إذا كان يعاني من سوء التقديم، أو كان ممن يعتقد أنه عندما يملأ الاستديو صراخًا، يكون ذلك دليلًا على قوة المُقدم ونجاح البرنامج!
* كلنا سمع عبارة «الحلو ما يكمل»، والسبب أن الإنسان مهما تألق، يبقى محدودًا، كذلك ما يصنعه الإنسان، يبقى فيه نقصٌ وإن صغر. مع كامل احترامي ومحبتي لـ «يوتيوب»، لكن النقص الذي فيه يكاد يشوِّهه، لأنه يتعامل مع الجميع بسواسيةٍ، ويعطي صانع المحتوى الممتاز والنافع الفرصة نفسها التي يعطيها لصانع المحتوى الفاشل والمُضِر، وقد يحصل المحتوى المغلوط على مشاهداتٍ تفوق النافع بعشرات الأضعاف. لست من أنصار حرية التعبير الكاملة، وأنا ضد أن تُمنح للجميع، فهذا الجميع فيه أشخاصٌ أهدافهم سيئةٌ، تهدم ولا تبني.
* من الجيد لو وضعت بعض البرامج وصفًا ثابتًا لها، كأن تكتب «هذا البرنامج ترفيهي، وإن كنت تحب البرامج الاقتصادية، أو السياسية، أو الجادة فأرجوك لا تشاهد هذا البرنامج لكيلا تعلِّق: وين البرامج الجادة والمهمة!؟ البرامج الجادة موجودة، وفي إمكانك مشاهدتها دون أن تتذمَّر من الترفيه الذي في البرنامج يا تشرشل النقد الإعلامي»!
* سعيدٌ بمشاهدة الشباب السعودي، وهم يصوِّرون برامجهم اليوتيوبية الترفيهية مع الناس في الشوارع. مثل هذا المحتوى تأثيره سريعٌ ونافذٌ، لأنه حقيقي وغير متكلِّفٍ، وقريبٌ من النفس لأنه محلي. في الإعلام تتفوَّق الفكرة الجيدة، على بساطة تنفيذها، على البرامج المعقَّدة، وإن صُرِفَ عليها الملايين.