العالم الذي نعيش
لا تمرُّ أيَّامٌ حتى نسمع نصرًا جديدًا للذكاء الاصطناعي. نصرٌ؟ نعم نصرٌ. الإنسانُ يهزم نفسه بنفسه! لقد صنع التقنية التي تُغيِّر العالم الذي نعيش فيه! وأطلق ماردًا قويًّا، لكنه لا يعرف تحديدًا الوجهة التي سيصل إليها هذا المارد! كل ما يعرفه تخميناتٌ، فمرَّةً يقول: إن الذكاء الصناعي، سيكون مساعدًا للإنسان. وفي أخرى يقول: على الموظفين تعلُّم مهاراتٍ جديدةٍ لأن الذكاء الاصطناعي سيلتهم وظائفهم.
أذكر عندما حذَّر جيفري هينتون، الملقَّب بـ «عرَّاب الذكاء الاصطناعي»، من مخاطر الذكاء الاصطناعي إذا ما خرج عن نطاق السيطرة البشرية، وأنه لا يستبعد تمكُّنه من القضاء على البشرية! طبعًا، التحذيرُ جاء بعد تقديمه استقالته من العمل في المجال، وبعد أن ربح ما ربح.
لا شكَّ أن الذكاء الاصطناعي قفزةٌ علميةٌ كبرى، وتحوُّلٌ تاريخي، لكننا في الوقت نفسه، يجب أن ندرك أنه في أيدي صانعيه، هو مشروعٌ تجاري، غايته كسبُ المال! ولأنهم أثرياءُ، فإنهم لا يُفكِّرون في الجانب السلبي على الموظفين الذين سيفقدون وظائفهم!
في الإعلام، لن ننتظر طويلًا لنفقد المعلِّقين الصوتيين البشريين! ثلاثة أرباع التعليق الصوتي للفيديوهات القصيرة في الـ «سوشال ميديا»، أصبح اصطناعيًّا! وفي المحاماة، يحفظ الذكاء الاصطناعي القوانين، ويُحلِّل بسرعةٍ صاروخيةٍ، ويعطي الاستشارات مثل أي خبيرٍ. أمَّا في الطب، فتفوَّق في كتابة التقارير الطبية على الجرَّاحين، وقد أظهرت دراسةٌ حديثةٌ، أن 53% من التقارير الطبية التي كتبها الجرَّاحون، احتوت على تناقضاتٍ، بينما بلغت تناقضات الذكاء الاصطناعي 29% فقط!
كنت أعرف «مُصلِّحًا للكمبيوترات» كلما تعطَّل جهازٌ، أرسلته إليه، وبالأمس، جاءني ابني الصغير سعيدًا. قال: أبي لقد أصلحت العطل في الكمبيوتر، سألتُ «شات جي بي تي»، وأعطاني الحل. فكَّرتُ مباشرةً في المُصلِّح مثلما فكَّرتُ سابقًا في زميلٍ، اختصَّ بتصاميم الجرافيكس، كان قد خسر عددًا من زبائنه. قال في آخر مكالمةٍ بيننا قبل عامٍ: الله «لا يوفِّق» الذكاء الاصطناعي.