مقولات الحياة
بعض المقتطفات مما يكتبه الأدباء، ويقوله المشاهير، تتحوَّل إلى مقولاتٍ. أعتقد أنهم لم يخططوا لأن يتحوَّل سطرٌ، أو جملةٌ إلى مقولةٍ، لكن ما كتبوه، لامس عاطفةَ وقلوبَ الناس، فتناقلته بينها.
أحبُّ قراءة المقولات، لا سيما عن النفس البشرية. هي الأقرب لي، لأنها تفسِّر شيئًا من الصراع البشري الذي يعيشه الإنسان سواء مع الآخرين، أو مع نفسه. قراءة المقولات الأدبية ضمن ما ينشر في «السوشال ميديا الأدبية»، يشبه العثور على وردةٍ في ورشةٍ ميكانيكيةٍ! ولو كان لمواقع التواصل الاجتماعي أفضالٌ، سيكون أهمُّها بالتأكيد أنها سهَّلت قراءة الأدب، وقرَّبته من العامة.
اخترت اليوم مجموعةً من المقاطع الأدبية والمقولات التي استوقفتني في الأيام الماضية، وأبدأها بمقطعٍ شعري لشمس التبريزي: «عندما أخبرتُه أنَّ قلبي من طينٍ، سخر مني لأن قلبه من حديدٍ. قريبًا ستمطر، سيزهر قلبي، ويصدأ قلبه». عندي قناعة تامةٌ أن قوة القلب في الرحمة لا في القسوة، وأعتقد أنه من الخطأ أن يقال عن القلب القاسي: إنه قوي، لأن القسوة سهلةٌ، لا تكلِّف أي عطاءٍ، بينما القلب الليِّن، يتحمَّل تكاليف عطائه، وهنا تكمن قوته.
أحلام مستغانمي كتبت عن زينة الأرض، ولماذا هي متاحةٌ للجميع: «خلق الله الأرض، ثم زيَّنها بالأشجار، وبمروج المارغريت، وسجادا من النرجس وشقائق النعمان، وجعلها في متناول أبناء الحقول، كي لا ينفرد الأثرياء بالبهجة».
بينما تحدَّث إميل زولا عن علاقاتنا، واعتقادنا، وعن فهمنا للآخرين. زولا صوَّر الفرد على شكل كتابٍ: «نحن أشبه ما نكون بكتبٍ، لا يرى الناس منا إلا الغلاف، والأقلية لا تقرأ منا سوى المقدمة، أما الأكثرية من الناس فيصدقون النقاد، وقليلون هم مَن يعرفون منا المحتوى». المؤسف في مقولة زولا، هو أن الأكثرية يصدقون النقاد! وقد ذكَّرني ذلك بمقولةٍ للكاتب والروائي الإنجليزي مات هايج: «معظم الثرثرة حول الآخرين حسدٌ مقنَّعٌ».
أرى أن فيودور دوستويفسكي كان عالم نفسٍ وعلم اجتماعٍ قبل أن يصبح كاتبًا: «الألم والمعاناة دائمًا نتيجةٌ حتميةٌ للذكاء المفرط والقلب الكبير».
وأخيرًا، لماذا يجب ألَّا نرد على الخطأ بالخطأ؟ عباس محمود العقاد يجيب عن السؤال: «الناس فيهم الكاذب والخائن والمخادع، ولو عاملت كل إنسانٍ بما فيه من صفةٍ، لاجتمع فيك كل ما تفرَّق فيهم».