2025-05-10 | 22:58 مقالات

لسان اللاعب السعودي

مشاركة الخبر      

قبل أن تقرأ المقالة، عُدّ بذاكرتك لمقابلات ما بعد المباريات. هل لاحظت ظهورًا أقل للاعبين السعوديين؟
على الأرجح أن السبب في أن الزملاء المراسلين اقتنعوا بأن اللاعب السعودي لا يجيد التحدث أمام الكاميرا، ولا يُحسن بناء جملة واثقة، ولا يعرف كيف يعرض فكرة بسيطة. قد تكون قناعة المراسلين قاسية، وقد يكونوا محقين، معظم اللاعبين يقدمون إجابات قصيرة، ومتوترة، وتفتقر للاتساق، ومليئة بالقوالب المحفوظة، مثل: «الحمد لله»، «كنا نطمح للأفضل»، و«القادم أحسن»، جمل مستهلكة تقفز من الشفاه لا من التفكير.

ما سبب هذا؟ اللاعب إنسان نشأ على الانشغال بالملاعب والمعسكرات، واللعب في الحواري، لا الاستماع إلى مجلس والده وضيوفه، ولا في حلقات الذكر، ولا يتدارس البلاغة ونهجها، في وقت لم تتطور فيه الإذاعة المدرسية. عاش اللاعب في ثقافة رياضية تعلي من كلمة المدرب، ولا يحق له أن ينبس في حضرته. يا لها من حياة تُشجع اللاعب على الصمت أكثر مما تُدربه على التعبير، ولا سيما أن المناخ الاجتماعي حاد المزاج في النقاشات وتقبلها. اللاعب الذي يتحدث بحرية يُوصم غالبًا بأنه «يتفلسف»، أو يُتهم بأنه يبحث عن الأضواء، أو بتعكير الأجواء. تقتل هذه الثقافة تدريجيًا جرأة التعبير، وتزرع بدلًا منها رقابة ذاتية خانقة.

من النادر أن نجد في الأكاديميات، أو الأندية السعودية، برامج تُعنى ببناء الحضور الإعلامي للاعب، رغم أن هذا جزء من الهوية الاحترافية لأي نجم. اللاعب يقف فجأة أمام الكاميرا دون أن يخضع لأي تأهيل يساعده على ترتيب أفكاره، أو فهم طبيعة الأسئلة، أو ضبط نبرته، أو تمرير رسائل ناديه بذكاء وثقة.

بالمقارنة، يبدو اللاعب العربي في دورينا أكثر قدرة على الاسترسال والإقناع. السبب لا يعود إلى تفوّق فطري، بل إلى عوامل احتكاك أوضح: هؤلاء اللاعبين عاشوا في دول متنوعة، ويحلم كثير منهم بالاحتراف مبكرًا، ما يوسع أفقهم الثقافي، ويُنمّي قدرتهم على التعبير أمام الإعلام.

تطوير مهارة الحديث الإعلامي ليس ترفًا، بل حاجة. اللاعب الذي لا يُحسن التعبير عن نفسه، لن يستطيع الدفاع عن قراراته، ولا تمثيل ناديه بذكاء، ولا بناء صورة جماهيرية خلاقة. هل اتضحت لك الحاجة إلى تطوير مؤسسي يساعد على إطلاق لسان اللاعب السعودي؟