عالم متطور.. وغير آمن!
هل نحن بحاجة إلى كل هذه التقنية ؟ هل جميعها يناسب حياتنا اليومية ؟ آخر ما قرأته أن مايكروسوفت أعلنت دخولها مرحلة الذكاء الاصطناعي الطبي الفائق، ابتكرت لتشخيص الأمراض أداةً تزيد دقتها بأربع مرات عن الأطباء. أمر مفرح فعلًا، لأن مئات الآلاف يموتون سنويًا بسبب تشخيص الأطباء الخاطئ، هنا.. نحن بحاجة للتقنية.
في المقابل قرأت أن مئات الملايين من الإيميلات تم تسريب كلمات مرورها، وأن اختراقات حدثت فعلًا. لا أدعو للعودة إلى رسائل الورق، ولكن ما الفائدة من تقنية قد يتعرض فيها بريدك في أي لحظة للاختراق، ومن شخص قد يعيش على بعد قارات ؟ إذا حدث ذلك معك.. فلن تتعرض رسائلك للاختراق فقط، حسابك البنكي، وكل المعلومات. لا يعتبر البريد الإلكتروني مكسبًا تقنيًا آمنًا إلا للذين لم يتعرض بريدهم الإلكتروني للاختراق لغاية الآن. البريد الإلكتروني مثل السفر في طائرة بسرعة الضوء، سريعة جدًا، لكنها معرضة للانفجار في أي لحظة. هل الحل في عدم الاعتماد الكلي على الإيميل ؟
قبل عام وفي دولة أوروبية كنت أمام مشهد لم أكن سأصدقه قبل 30 عامًا، رجل أربعيني يبكي أمام موظف البنك: أرجوكم أوقفوا بطاقتي البنكية قبل أن يقضي اللص على كل ما ادخرته ! فهمت أن لصًا اخترق إلكترونيًا حسابه البنكي وسرح فيه ومرح، لم يبدِ موظف البنك أي تعاطف، الواضح أنه اعتاد على المشهد كثيرًا !
في وقت سابق قال صنّاع الذكاء الاصطناعي إنه لمساعدة الإنسان، وأنه إذا حل بديلًا للبشر في وظيفة ما، فسيخلق فرصًا لوظائف أخرى جديدة، والحاصل أن الذكاء الاصطناعي حل بديلًا في الكثير من وظائف ومهن البشر، والسؤال: ما الوظائف الجديدة التي قدمها الذكاء الاصطناعي للبشر ؟ وهل عددها يعادل الوظائف الذي حل فيها بديلًا ؟.
تقرير نشرته بالأمس العربية بيزنس كان عنوانه الآتي: بداية عصر تسريح الموظفين بسبب الذكاء الاصطناعي ! مفاد التقرير أن فقدان الوظائف سيكون على نطاق أوسع، وقال رئيس شركة ثريد أب إن تأثير الذكاء الاصطناعي سيكون أكبر من المتوقع وأن الدمار الوظيفي سيكون هائلًا. بالمناسبة.. ميتا أعلنت عن استثمار 80 مليار دولار لتطوير الذكاء الاصطناعي أكثر وأكثر، ربما تريد تسريح موظفين غير الذين سرحتهم !
هناك سباق مزدوج بين صنّاع التقنية الكبار «الذكاء الاصطناعي»، من يصنع تقنيات أفضل، ومن يحصل على المليارات الأكثر، قد يشرح لنا هذا السباق لماذا يصر صناع الذكاء الاصطناعي لتطويره بشكل فائق، بحيث يبيعون تقنيتهم، ولا يحتاجون في شركاتهم إلاّ القليل من الموظفين.