«الكتابة في الهوامش».. خلاصة قادت إلى «الجاذبية»

تعد الكتابة في الهوامش من السلوكيات التي يمارسها بعض هواة القراءة أو يلجأ إليها البعض أثناء الاستذكار، ويقصد بها تدوين بعض الملاحظات التوضيحية أو الخواطر على هامش الكتاب أثناء القراءة.
وتعرف هذه الظاهرة في الإنجليزية باسم Marginalia، وتعد مثار جدل بين المتخصصين، حيث يراها البعض معيارًا للتركيز أثناء القراءة وتسليط الضوء على النقاط المهمة، ويعدها آخرون دليلًا على السهو وانصراف الذهن عن النص المكتوب.
ويعود الاهتمام بالكتابة في الهوامش إلى عصر ليوناردو دافينشي، حيث يقال إن الفنان الشهير دون خواطره عن نظرية الجاذبية على الهامش قبل أن يطرح العالم جاليلي جاليليو أفكاره عن الأجسام الساقطة التي أفضت في نهاية المطاف عن اكتشاف نظرية الجاذبية، بمعنى أن مبادئ قانون الجاذبية الأرضية كانت نصب أعين البشر على هوامش مخطوطات أورندل التي كتبها دافينشي خلال الفترة ما بين عامي 1480 و1518، قبل أعوام من ظهور هذه النظرية التي غيرت مجرى العلم.
وعلى مر التاريخ، اشتهر أدباء عظماء بكتابة خواطرهم وأفكارهم على هوامش الكتب، أمثال إدجار آلان بو وهيرمان ميلفيل، وقد ساعدت هذه التدوينات «الهامشية» الباحثين الذين جمعوا سيرتهم في أوقات لاحقة على فهم أفكار هؤلاء الأدباء بشكل أفضل، وتوصيلها للأجيال التالية.
ويحرص علماء النفس وطب الأعصاب على دراسة تأثير الكتابة على الهوامش على الجانب المعرفي للقراءة والكتابة.
وقد توصلت دراسة علمية نشرتها الدورية العلمية Frontiers in Psychology المتخصصة في طب النفس إلى أن الكتابة على الهامش أثناء القراءة تساعد العقل البشري على تذكر وفهم المادة المكتوبة أو المقروءة بشكل أفضل.
وأجرت الباحثة ماريان وولف، مدير مركز علاج مشكلات عسر القراءة التابع لجامعة كاليفورنيا لوس أنجليس الأمريكية، بحثًا يتناول أهمية كتابة التعليقات التوضيحية، وقالت في تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني «ساينتيفيك أمريكان» المتخصص في الأبحاث العلمية إن «الكتابة في الهوامش تساعد على فهم المادة المكتوبة بشكل متعمق ما يسهم في تطوير طريقة تفسير القارئ للنص».
ووجدت كاثي مارشال الباحثة في مختبر ميكروسوفت والمتخصصة في مجال الكتابة الرقمية أن الطلاب في العديد من الجامعات كانوا يبحثون في الماضي لدى تجار الكتب المستعملة عن نسخ الكتب العلمية القديمة التي تحتوي على كتابات في الهامش، كونها تمثل خلاصة منقحة لفحوى المادة العلمية في الكتاب.
وفي نهاية المطاف، فإن الكتابة في الهامش ورسم الخطوط تحت العبارات بالقلم الجاف أو الرصاص أو حتى بالحبر الفسفوري لا يوجد منها أي ضرر، بل قد تسهم في استيعاب المادة المكتوبة بشكل أفضل.