|


طلال الحمود
الحوت الأزرق جاكم
2018-04-08

عادت ألعاب السيطرة على العقل إلى الواجهة مجددًا، بعدما تسببت لعبة الحوت الأزرق الأسبوع الماضي في انتحار ابن البرلماني المصري حمدي الفخراني وضمه إلى لائحة تضم عشرات الضحايا في العالم، ولم ينجح اعتقال مصمم هذه اللعبة الإلكترونية عام 2013 وشطبها من متجر الألعاب، في إيقاف انتشارها بين المراهقين، أو الحد من خطرها حتى الآن.



أصبحت هذه اللعبة حديث البيوت ومصدر قلق للآباء والأمهات، وزاد الطين بلة نصائح المختصين في علم النفس والاجتماع لحماية المراهقين من خطرها، حتى أصبح المراهق متهمًا باتباع الحوت الأزرق حتى تثبت براءته لاعتبار أن من علامات الخضوع لتعليماته السهر في الليل والنوم في النهار، والإمساك بالأجهزة لساعات طويلة والجلوس في الغرفة بعيدًا عن الأهل، وهي علامات تنطبق على الطالب أثناء الامتحانات وعلى المتيم بحب حسناء، وعلى الموقوفة خدماته في نظام أبشر، دون أن يكون للحوت وصاحبه وجود في حياة هؤلاء!.



ضحايا لعبتي الحوت الأزرق ومريم لم يصل عددهم إلى درجة الإعلان عن أول وباء إلكتروني، ومازال ضمن إطار الحوادث الفردية التي لم تبلغ مرحلة الظاهرة، غير أن هذا لم يمنع هواة الخطابة "الكلمنجية" من تقمص دور مستشار نفسي واجتماعي أو خبير للبرمجة العصبية اللغوية، والتصدي لحماية المجتمع من هذه الهجمة الشرسة، من خلال ترديد الكلام نفسه وتكرار أعراض تنطبق دائمًا على متعاطي المخدرات أو المتعاطف مع داعش، أو الباحث عن الزئبق الأحمر في مكائن سنجرمان؛ لتبقى عيون الاتهام تطارد المراهقين حتى في صلاتهم، وتبقى قلوب الأمهات مفطورة في انتظار الأسوأ، مع أن الأمر لا يعدو كونه إثارة إعلامية هدفها ترويج الأسماء من خلال معسول الاستشارات والنصائح؛ ليصبح بعدها أستاذ الجغرافيا في الجامعة صاحب عيادة مختصة في تقديم العلاج، من خلال البرمجة العصبية اللغوية!.



قصة الحوت الأزرق أثارت الاهتمام لغرابتها فقط، لكن خطورتها على المراهقين لا توازي شيئًا قياسًا على ضحايا "التفحيط" أو التدخين، أو حتى البلاعات المفتوحة في الشوارع، خاصة أن مصمم لعبة الحوت الأزرق الروسي فيليب بودكين برر فعلته، بأنه يهدف إلى "التخلص من النفايات البشرية"، وهو منطق مجنون يبرهن على أن خطر "الدرعمة" وراء الإثارة أكبر من خطر هذه اللعبة.