|


فهد علي
الظاهرة الصفراء
2017-12-26

 

 

 

منذ نهوضه الأولي الكبير كتب على نفسه حُرمة السقوط، "نادي النصر السعودي"، ظاهرة اجتماعية، رغم انتمائها في مداراة كرة القدم الجالبة للصداع والأرق والغضب، لكنه يأتي "النصر" ويحمل بيديه المفارقات والجماليات. بعد أن أوثق العمائم في رؤوس الأطفال لكي يهتفوا له، رسم على خدّيهم لون الصحراء "الأصفر" ليتيهوا بحبه، ولون البحر "الأزرق" ليغرقوا في التماهي معه.

 

الفريق الذي اختار ألا يهزم أبداً، فكلّما يود المنافسون بنشوة الإصغاء لخبر هزيمته من صوت مذيع الراديو أو مذيع نشرة الأخبار يتلو: "النصر انهزم بثلاثة أهداف مقابل اثنين". انتقى اسمه النصر لئلا يُهزم مطلقاً، وراح يمتد مفاخراً بكيانه التائق بحبور إلى الفرح والصمود والتحدي والانتصار ليُقلّد رئيسه العاشق الأولي الراحل "عبد الرحمن بن سعود" بلقب "الرمز"، كان الانتقاد للرمز يتطلب مديحاً أولياً كبيراً، بعد دوران السنين تبعه رئيسه الحالي الأمير "فيصل بن تركي"، الذي يغيب تداول اسمه أمام مديحه بمصطلح بدوي غارق بقيمة الفخر "كحيلان"، كل الانتقادات تبدو مضحكة ومتصاغرة ومتناقضة حين تستخدم معها مفردة إطراء ثقيلة مثل "كحيلان".

 

حتى مثلي أغلب الذين وإن هربوا عن أحاديث كرة القدم، يجري النصر بنفسه إليهم عبر ألسنة الناس وأحاديثهم في المجالس والنقاشات الإلكترونية، فنعرف من خلالهم آخر أخباره ونتيجة مباراته الأخيرة.

 

أظن أن النصر قيمة جمالية، وعشيرة فنّية لها خصائصها بجماهيره وإدارته ولاعبيه، فمولعوه يتّخذون حدث النصر في المجتمع كشفاء مزمن لرتابة الليل، وحلاً مُجدياً لملل اللحظات. إن البرّاق بقمصان لاعبيه الصفراء فرحاً ولمعاناً هو النادي الوحيد الذي يتلبسك شعور إذا خسر المباراة النهائية تخسر البطولة.

 

تقول ألوانه من منحى بصري، إن اللون الأصفر يشق على الحزن ارتداءه والمقربة إليه، وتقول وجوه العاتبين الذين يعرّجون اهتماماتهم يومياً على نادي النصر وأخباره إن "البسمة" غابت قليلاً عن شفاههم بسببه، وهو النادي الرياضي العارف بابتداعها وصنعها وارتكابها.