|


وحيد بغدادي
إن لم تكن معي.. فأنت ضدي!
2016-12-06
كان من المفترض أن: "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية" ولكن للأسف أن الغالبية العظمى من مجتمعنا إلا ما رحم الله يسيطر على علاقاتهم مع الآخرين منطق: إذا لم تكن معي.. فأنت ضدي!.. وهو الواقع الذي أفسد الود بين الكثيرين بسبب الاختلاف في الرأي.. فما إن يقع خلاف بين شخصين حتى ويبدأ كل منهما بتعداد من هم في صفه ومن ليس معه فهو ضده.. طالت هذه الاختلافات أفراد الأسرة والإخوة والأصدقاء والزملاء بل ووصلت للإجحاف والظلم والتعدي وإلزام الغير بما لا يلزم.. بل وأحياناً وصلت لمخالفة الدين والأخلاق والعادات والتقاليد (فقط انتصاراً للرأي وإثباتاً للذات).. قد لا نتفق في كل النقاط ويقع الاختلاف في أقوالنا وأفكارنا ولا يعني ذلك بالضرورة حدوث العداوة أو المحاربة أو وجود نظرية المؤامرة.. ويجب أن نرتقي بتفكيرنا وقبل ذلك أن نحسن نوايانا في الآخرين.
الموافقة الدائمة ليست دليل محبة.. كما أن الاختلاف ليس دليل عداوة.. وكم قُطعت علاقات وهُدمت صداقات بسبب ظن أحد الأطراف أن عدم الموافقة والمتابعة يعني العداوة والمخالفة.. عندما تعذر الآخرين في عدم موافقتهم لك في أمر ما بدون فأنت تعيش بفكر راقٍ وأخلاق إسلامية عالية ونفس مطمئنة كريمة.. إن فن الخطاب تقبل الآخرين والاحترام المتبادل (فن) لا يتقنه الجميع مع أنه ليس بحاجة لمجهود.. فأنا وأنت بشر نخطئ ونصيب.. ولست أنت الوحيد الذي يستطيع التمييز بين الصواب والخطأ.. اترك للغير الفرصة ليشرح ما يعتقده (فإن أخطأ وضّح له خطأه وإن رفض اترك له الخيار ليتعلم الصواب).. وعندما لا تفهم ما أريد فلا تفسر ما تريد.. ولا تحكم عليّ بالنوايا.. فما ذنبي إن كانت نيتك غير نيتي؟! وليس ذنبي إن كنت ترى مالا أراه.. لنَرْتَقِ بأفكارنا ونسمع لغيرنا ولولا اختلاف الآراء لبارت السلع.
نرى اليوم ونسمع وللأسف الشديد الكثير من الشباب المُندفع بغير وعي من يتمسك بمبدأ (إن لم تكن مع الحقيقة التي أفهمها فأنت ضدي ويجب انتقادك وإقصاؤك).. ليتنا نتبنى لغة الحوار ونتقبّل الآخر وننظر نظرة شمولية للأمور بدلاً من أن نتقوقع في أفكارنا المسبقة ولا نقبل الحوار وكأن الفكرة التي نؤمن بها لا تقبل الجدل! أصبحنا نخون بعضنا البعض ونظن بالآخرين الظنون.. وكم من مسؤول بدأ بتصفية حسابه مع كل من عارضوه؟! الاستبداد والظلم والتسلط الفكري في فرض الأفكار والمعتقدات أوجدت لدينا (ثقافة الكراهية ونظرية المؤامرة).. ولا يمكن الخلاص مِن تبعات هذه الثقافة وتلك النظرية إلا بتغذية ينابيع ثقافة الحوار وتقبل الرأي والرأي الآخر.. بل إن البعض إن وافقتَهم وإن كانوا على خطأ فأنت (صح).. وإن خالفتَهم أهواءهم فأنت (خطأ).
قد لا أكون معك (أو أكتب ما تريد) وقد أغرد عكس التيار الذي سبحت فيه.. ولكن تأكد أني لا أقف ضدك قد نختلف في وجهة النظر لكن لا ينبغي أن تزول الصداقة وتتبدل إلى خصام ويصبح الحبيب عدواً والأخ القريب غريباً.. قد تحب اللون (الأبيض) وأعشق اللون (الأصفر) وهؤلاء يحبون (الأزرق) ولا يعني ذلك أنني لا أحب اللون (الأخضر) أنني ضدك.. إن كنت أنت (مدريدي) وأنا (برشلوني) فلا يعني أنني ضدك.. انتقد ما أكتب وصحح أفكاري ولا تنتقد ميولي.. قال الإمام الشافعي رحمه الله: "قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب".. ولم يجزم بأن قوله هو الحق والصواب وقول غيره هو الخطأ رغم غزارة علمه ودقة فهمه.. فلماذا تشوهت أفكارنا بهذا الفكر وتبدلت قيمنا وتغيرت مبادئنا؟! ومنذ متى كنا هكذا.. لا نتقبل الآخر.. فيما الكل يريد الانفراد برأيه وكأن البشر لا شيء.. وكأنهم دود على عود.