|


عيد الثقيل
الوطنية ليست صكوكا بأيديكم
2017-06-21

جميل جدا ما شاهدناه خلال الأيام الماضية في وسائل التواصل الاجتماعي من تكاتف وتلاحم كافة الرياضيين وتحديدا الإعلاميين منهم وتوحدهم خلف الراية الخضراء راية الوطن بعيدا عن ألوان الأندية والتناحر الذي كانوا يعيشون فيه.

 

لكن يبدو أن المنتمين للوسط الرياضي وتحديدا الإعلاميين منهم وهم من يقود الرأي العام الرياضي لا يستطيعون التخلي عن ألوان أنديتهم التي مازالوا يحتفظون بها في جيوبهم رغم حملهم لراية الوطن في الفترة الماضية، لينزلقوا في طرقات أفسدت هذه الصورة الجميلة التي رسموها وما فيها من تكاتف ونبذ للميول عندما يتعلق الأمر بالوطن، ليذهب البعض منهم للتفتيش خلف حسابات كل منتسب للوسط الرياضي في وسائل التواصل والبحث عن كلمات لا تتجاوز حروفها 140 حرفا لتأكيد وطنية هؤلاء النجوم أو للتشكيك فيها. 

 

لا أتكلم عن حالة معينة، فالنماذج التي رأيتها كثر، ولست بصدد الدفاع عن شخص أو تمجيد شخص آخر من أجل بضعة حروف، ولن أشكك في وطنية أحد من المنتمين لهذا الوسط أو ألبسه لباس الوطنية لموقف واحد أو بضعة حروف كما ذكرت، لكن ما أود قوله هنا إن الوطنية ليست صكوكا في يد كل من هب ودب يمنحها من يشاء ويسقطها عن من يشاء، ولا تختزل الوطنية في موقف واحد أو عبر تغريدة واحدة، أصبحت بمنظور هؤلاء صكا لا يستطيع أحد نزعه واثباتا لا يمكن أن يزعزعه موقف آخر مهما كان.

 

لا يمكن أن تصبح الحروف مقياسا للوطنية، ولا يمكن أن تمنح تغريدة الشهادة لشخص ما مهما كان حجمه. الوطنية يا سادة لا يمكن اختزالها بحرف ولا فعل أو موقف واحد، هي مجموعة أشياء لا تباع ولا تشترى، ولا يمكن وصفها بكلمات مهما حاول جهابذة اللغة والبلاغة، هي شعور تشربه أبناء هذا الوطن وتنفسوه لا يمكن أن ينتزعه أحد ولا يمكن أن يجبرهم أحد على تنفسه وشربه.

 

ولكي لا نطيل في هذا الأمر ولا نصغر من شأن هذه الكلمة (الوطنية) ولا نحولها لصكوك في يد كل من يجلس خلف جهازه المحمول أو شاشة هاتفه، لنتذكر رجالا لهم ثلاثة أعوام عيونهم لا تنام، يحرسون هذا الوطن في حده الجنوبي، يحملون بيد سلاحهم وبالأخرى يضغطون على الزناد.

 

لو كانت الوطنية مجرد كلمات أو تغريدات، فما عسانا أن نقول عن هؤلاء الرجال الأبطال الذين يحرسوننا بعيون لا تعرف طعم النوم وقلوب لا تعرف معنى الخوف، لنجلس نحن خلف أجهزتنا ننعم بالأمن والأمان ونوزع صكوك الوطنية على من نشاء.