|


د. محمد باجنيد
هل فاتكم ما فاتني؟
2011-12-16
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (.... ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا وكونوا – عباد الله – إخوانا).
هكذا كان المدخل لأحد نصوص (الزيات)، وجدته في كتاب النصوص لابني إبراهيم يوم كان في الصف الثالث المتوسط.
وها أنا أنقله هنا كما ورد:
يقول (الزيات): "من مذهبي أن أدع الخلق إلى الخالق فلا أنتقد ولا أعترض، ولا أمد عيني وراء الحجب، ولا أرهف أذني خلف الجدر، ولا أدس أنفي بين الوجوه، ولا أزحم بمنكبي من يمشي عن يميني أو عن يساري ما دام الطريق مفتوحاً إلى الوجه الذي أقصده، لذلك عشت لين الجانب سليم الصدر، لا أدخل في جدل، ولا أشارك في مراء، ولا ألج في منافسة. وكان من جدوى ذلك علي أن الله وقاني عذاب الحسد، كفاني شر العداوة، وجعل ما بيني وبين الناس قائماً على المجاملة والمساهلة والود. ومن مذهبي أن أُسقط الماضي من حساب الحاضر فور انقطاعه، فلا أحزن على ما فاتني فيه، ولا آلم لما ساءني منه، فالخسارة تصيبني فلا أجزع، إنما أطرحها من ربح الصحة والنجاح والأمن".
انتهى كلام الزيات، وأنا أقول: لا تتعجب – يا صاحبي – من هذا القول البليغ الذي (يفتح النفس) ويدخل (القلب).. إنه الأدب يتجلى لكل من يمد له يداً.. وحين يذكر الأدب يذكر (أحمد حسن الزيات) الكاتب الكبير والأديب الخبير، عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة.. ذلك الرجل الرقيق في طبعه، الأنيق في أسلوبه صاحب (وحي الرسالة)، والمبدع (في أصول الأدب)، والمكافح (دفاعاً عن البلاغة)
يبدو أننا يا صاحبي - وطوال مراحل الدراسة الأساسية من الابتدائية إلى الثانوية - قد تجاوزنا كثيراً من هذه الدرر الأدبية.. ربما بإهمال ذاتي، والمؤكد أن الفضل في هذا المرور السريع قد جاء بمباركة المعلمين، الذين كانوا يأمروننا دائماً بأن نحفظ الدرس، فحفظنا كثيراً ولم يبق شيء في الذاكرة لأننا لم نكن نفهم.. وها نحن - وبعد أن عرفنا أن العلة في المعلم - نواصل تعليق الإخفاقات التعليمية عليه ولا ندقق عند اختياره، ولا نتعب كثيراً في تأهيله وتطويره.