|


أحمد الحامد⁩
اغتيال معنوي
2018-07-20
في لقاء فني خاص، وجه أحد الفنانين الكبار نقداً سلبياً قاسياً للشاعر الكبير صلاح عبد الصبور.. وعلى أثر ذلك.. مات صلاح! كان اغتيالاً معنوياً سبّب موتاً جسدياً مباشراً.

وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت للعامة توجيه الألفاظ التي لا علاقة لها بالنقد ولا حتى بمفهوم النقاش أو التساؤلات، أقرأ أحياناً بعض الردود على ما يكتبه بعض المبدعين في حساباتهم الشخصية، وأشاهد كمية محبطة من التعليقات التي تؤثر على نفسية المبدعين “الحساسين”، خصوصاً أولئك الذين لم يعتادوا على تجاهل الآخر وإن كان سيئاً.

أسلوب شتم المبدع في محاولة لتفريغه وإلغائه محاولة عقيمة، لكنها تؤثر على روح المبدع الذي قد يشعر بعدم الاحترام أو يشعر بالندم على فتح حساب شخصي للتواصل مع الجمهور عن قرب.

يقول الشاعر أحمد بهجت قمر الذي ملأ الدنيا بأجمل الكلمات الغنائية، إنه فكر أن يعتزل كتابة الأغنية والشعر بسبب بعض التعليقات السلبية التي تكتب على حسابه من بعض الجمهور في الفيس بوك.

المبدع عادة يفضل أن يوجه له النقد بصورة لا تجرحه ولا تؤثر عليه نفسياً، وأن ينتقي صاحبها الكلمات التي توصل رأيه مهما كان، ولكن بلطف، توجيه الكلام السيئ والألفاظ الخادشة للحياء تعبر عن شخصية كاتبها وعن حالته النفسية، وعلى المبدع ألا ينفعل لأن الحياة بصورة عامة تكرر نفسها في الكثير من الأمور، السيئون تواجدوا على طوال التاريخ، ولم ولن ينقرضوا ولم يخلُ طريق من تواجدهم، هؤلاء لم يقدموا سوى محاولاتهم لاغتيال الآخرين معنوياً، وهي محاولات لهدم ما يملك لأنهم لا يمتلكون ما يملك، في بعض الأحيان أفكر لماذا يتفرغ بعض الناس لمهاجمة ما لدى الآخرين؟ لماذا لا يتفرغ هؤلاء لاكتشاف أنفسهم وطاقاتهم؟ لماذا لا ينظرون في هذا الفضاء الواسع الذي يتسع للجميع بأفكارهم واختلاقهم؟ هل سوء نية الإنسان لها علاقة بذلك حيث لا تنير له طريقه؟ هل للتعليم وبيئة الإنسان التي يعيش بها أثر في ذلك؟ اعتقدت سابقاً أن الجميع طيبون ويستطيعون أن يحبوا بعضهم بعضًا، وأن الخلافات على أرض الحياة منشأها سوء التفاهم فقط، وأن مجرد تقريب وجهات النظر بين الناس ستحل كل شيء، لكنني اكتشفت أن التفكير بهذه الطريقة ما هي إلا رومانسية تتكسر دائمًا على صخور الواقع.