|


أحمد الحامد⁩
العالم الذي نعيش
2024-01-25
مقال اليوم من أخبار ودراسات العالم الذي نعيش، العالم الذي يراه كل منا من جانبه، فهو عالم من الرياضيات لعالم الرياضيات، وعالم من المناظر للرسامين، وعالم الكلمات للأدباء، وأتذكر أحد أقاربي الذي عاتبتي مستغربًا: كيف لك أن لا تهتم بالسيارات وأنواعها، ألا يشدك هدير ماكيناتها؟ كل له عالمه، وكل العوالم المسالمة جميلة على اختلافاتها.
أعجبتني حكاية سعودي خمسيني نشرتها العربية نت، الرجل منذ أن كان طفلًا تولع بالمسلسل الكرتوني الشهير (جريندايزر) وصار يجمع اللعب والملابس والمجسمات وكل ما له علاقة ببطله الأسطوري. جمع ما يقرب من 3000 قطعة، حتى أن بيته صار أشبه بمتحف. ما أعجبني أنه فعل ما يحب فعله، وتصدى لكل الانتقادات التي من محيطه حسب قوله، لم يلتفت لسخريتهم كونه خمسيني وما زال يهتم ببطل كرتوني. لقد حقق لنفسه ما أراد هو، ولم يحقق لنفسه ما يريده الناس. لا أرى صاحبنا أقل شجاعة من جريندايزر، ولو كنا نملك شجاعته لعرف الكثير من الناس عنا هوايات ورغبات أخفيناها خوفًا من الانتقاد، مع أنها ليست عيبًا ولا حرامًا. تحية لجريندايزر وتحية لعاشق جريندايزر الذي قال (الناس ينتقدونني بسبب عمري، لكن مهما كبرت هناك طفل بداخلي).
لو كنت في مقعد الطائرة تنتظر إقلاعها، ثم رأيت من النافذة أن 4 براغي من جناح الطائرة كانت مفقودة، فهل ستقول في نفسك أن هذا الأمر عاديًا ولو لم يكن عاديًا لرآه المهندسون وأصلحوه. أم أنك ستشك بالأمر وتبلغ طاقم الطائرة بشكوكك؟ ما فعله الإنجليزي (فيل هاردي) أنه أبلغ طاقم الطائرة بمجرد ملاحظته فقدان البراغي من جناح الطائرة، الأمر الذي دفع شركة الطيران بإلغاء الرحلة واعتبار هاردي بطلًا أنقذ نفسه والمسافرين من كارثة. أمثال هاري يُسمون في الحياة (أحياء) ويقال أحيانًا: هذا رجل حي. أي أنه نبيه وفطن وروحه متقدة. لا بد أنه سيسعد طويلًا فيما فعل، وسيحكي لأحفاده عن نباهته. أتذكر في المرحلة المتوسطة عندما خرج أحد الطلبة من مختبر المدرسة والنار تلتهم رجليه، كان يركض دون هدف، فركضنا خلفه أنا وزميلي وأوقفناه وبدأنا بإطفاء النار بما لدينا من ملابس، ثم جاء الأساتذة وطلبوا الإسعاف ونقلوه للمستشفى. لم نكن نعرف في أي سنة يدرس وفي أي فصل، كان يكبرنا بسنتين على الأقل. كنت وزميلي نبحث عنه في أثناء الفرصة بين الدروس. بعد حوالي شهر رأيناه وبعض زملاءه من حوله، قلت لزميلي: ترى هل يتذكرنا؟ قال: من المؤكد أنه يتذكرنا. توجهنا نحوه وحمدنا الله على سلامته، كان ينظر إلينا مستغربًا، ثم قال: من أنتم؟ نظرت نحو زميلي بارتباك، لم يكن زميلي أقل ارتباكًا، لكنه تشجع وأجاب: حنا اللي طفيناك!.