|




فهد عافت
مساعد ربيّع الرشيدي
2016-12-07
لو أن بليغ حمدي كان سعوديّاً، أو أن مساعد الرشيدي كان مصريّاً، والتقيا، ما تفارقا أبداً!


قصائد مساعد الرشيدي، فيها من موسيقى بليغ حمدي الكثير: البساطة، والقدرة على التقاط ما لا نعرف أنه كان قريباً منّا، إلّا بعد أن نلتقيه مُنجزاً، عند أحدهما في كلمةٍ أو نغمةٍ!


فإن التقيناه عرفنا كم هو قريب منّا، وكم كنّا بعيدين عنه!، وهذه واحدة من أفتن لحظات التفاعل مع الفن، أكاد أقول إن كل مذاهب النقد، ومدارس الفن والأدب، يطول حديثها، ويقصر، ورغبته الأصيلة أن يصل بنا، إلى هذه الحالة!


ومن حسن الحظ، أن هناك من أهل الفن والأدب، مواهب تشع بإشراقات صبيحةٍ، لا نحتاج معها لمن يُدِلُّ أو يُبصِّر!، نوابغٌ، ما أن نلتقي بأعمالهم، حتى نعرف أننا غُمِرْنا بِنا، بأملح، وبأنضر، ما فينا!


يُعاقَبُ مثل هؤلاء النوابغ، بإهمال النّقّاد لمنجَزِهِم!


صحيح أنهم ينالون جبالاً من الثناء والإشادات، لكنها، غالباً، ما تكون سطحيّة، وبرّاقة من الخارج، وعلى السطح فقط!، كلمات تمجيد مُستَحقّةٍ، لكنها ليست نقداً، مجرّد تصفيقٍ على الورق وتهليل!


يشعر الناقد أنه ليس لديه ما يضيفه، فالمبدع قد دخل بكليّته في وجدان المتلقي، لكني أظن أن هذا لا يصلح حجّةً، فالناقد الفنّي لا يحضر للمساعدة، ولا للكشف عن ذوقه، وإنما يحضر، أساساً، لبناء حُكم جَمَاليّ، للاقتراب من هذا الحُكْم الجماليّ على الأقل، وأظن أيضاً، أن النقاد، يُفضّلون شعراء آخرين، لإطالة حديثهم، شعراء يعرف الناقد أنهم ليسوا أكثر فخامة من مساعد بن ربيّع الرشيدي، بل هم في الغالب أقل، لكن فُرصة الناقد لحشر نفسه بين مثل هؤلاء الشعراء وبين القرّاء، مُتَاحَة أكثر!


هذا الأمر يُغري بحضور مهزلتين!


فمن ناحيةٍ: يكثر في ساحة الشعر، أصحاب التصعيب والطلسمة، والهذر المُبْهَم، طمعاً في كسب ثناءات نقدٍ!


ومن ناحية: يتطاول ألف قصير همّةٍ، وقامةٍ، على المُبدِع الحقيقي، إما بتقليدٍ لا يعف عن سرقةٍ، ولا يتورّع عن نكران فضل، ويتبجّح بأحقيته في المساواة!، وإما بحشر المبدع في صراعات جانبيّة، هو أكرم منها، لكنه لا يجد مفراً من دخولها، في غياب الناقد المؤهَّل، جَسَارةً ونَضارةً!


إن ساحةً ثقافيّةً، فنيّةً، أدبيّةً، لا تنحني هامة أطيب نقّادها، لأشعار مساعد الرشيدي، ليست جديرة بتوقير!، ويا لسخف العذر، ويا لغباوة الحجّة: شاعر شعبي!.