|


أحمد المطرودي
الحجارة والحضارة
2009-10-20
منظر الجماهير الأهلاوية والهلالية وهي تتبادل التراشق أعادنا للوراء عشرات السنين حينما كانت المدرجات تشهد تنافساً مثيراً بالعصي والحجارة وكان الذي ينتصر من هذه الجماهير هو من يضع بصمة من الدماء في منافسه وخصمه وقد نعطيهم العذر لأن التعليم والتربية والتطور الحضاري ناقص والطفل قد لا يجد ما يشغل وقت فراغه كما هو حاصل الآن وقد كان الشباب في وقت مضى يقضون وقت فراغهم بالمشاغبات والمضاربات وإزعاج المارة في الطرقات وهذه نتيجة طبيعية إذا لم يجد الشاب فرصة لتنفيس طاقاته واستخراج انفعالاته بصورة جيدة ورغم قلة الإمكانات إلا أن النفوس عالية والوفاء موجود والطهارة والطيبة هي السائدة وقد تتسم الكثير من التصرفات والتعاملات بالسذاجة والبساطة والأريحية فكانت هذه الصفات تغطي على كثير من السلوكيات الحادة والعنف في التعامل والشراسة في الطباع والآن للأسف الشديد بدأت تعود هذه السلوكيات الخطيرة التي تدل على خواء في عقلية من قام بهذه التصرفات وشخصياً أحمل التربية المسؤولية الكاملة عن الذي يحدث في شوارعنا ومدارسنا ومساجدنا وبيوتنا وأيضا في ملاعبنا.
فالأساليب التربوية المتبعة في المجتمع أكثرها خاطئ سواء كان ذلك في البيوت أو حتى في المدارس ففي البيوت يمارس الأب والأم حقولا من التجارب على أبنائهم يبدأ بالتحطيم والإهانة والقمع وممارسة الأوامر والنواهي خلال الساعات التي يتواجد فيها بالإضافة إلى الأسئلة الاستفزازية وممارسة الظنون وعدم غرس الثقة في نفوس الأبناء ولا يمكن ممارسة المحاورة الراقية المعتمدة على الألفاظ الرفيعة والأساليب الكلامية العالية وعدم أخذ آراء الأطفال والمراهقين في أي أمر من أمور الحياة بل هو عبارة عن أداة يقوم الجميع بالتناوب على تحريكها فيكون في المنزل وعند والده وأسرته بشخصية وعند الأصدقاء في أخرى وتجده في الفصل يجلس ساكتاً وكأنه يحترم معلمه وأساتذته وحينما يخرج من المدرسة يتحول إلى عنصر مؤذي ومشاغب في كل مكان يصل إليه ويمارس المهاترات والصراخ وعدم احترام الذات وما جعله يبدو مؤدبا في مدرسته هو الخوف فقط من العقوبة فسكت ليس لأنه متربي وعلى خلق بل لأنه يخاف من عقاب المعلم أو إدارة المدرسة وتجده في المنزل حينما يكون والده موجوداً مختلفاً تماماً وحينما يخرج الوالد خارج المنزل يحول هذا الابن منزله إلى جحيم والسبب في كل هذا هي الأساليب التربوية الخاطئة القائمة على النتائج الوقتية فالكثير من المربين للأسف الشديد يريدون نتائج وقتية فقط دون التفكير ببناء شخصية للمستقبل تعتمد على مراحل النمو واحتياجات كل مرحلة وعيوبها وخصائصها فالتربية الحقيقية أن يكون الشخص مؤدباً في المنزل والشارع والعمل وعند الإشارات المرورية محترماً للطابور والنظام.. التربية السليمة هي التي تصنع مجتمعا سليما محبا لبعضه ووطنه وقيادته. في الشوارع حينما تكون فوضى وتفحيط وقطع للإشارات نحملها المرور لأنه لم يكن جاداً في تعامله مع هذه التصرفات وفي أماكن العمل نحمل المديرين مسؤولية ضعف مستوى العاملين وعدم إحساسهم بالمسؤولية وفي الملاعب نحمل لجنة الانضباط مسؤولية مشاغبات الجماهير وحتى تدهور أو انخفاض مستوى اللاعب المحترف نحملها الأنظمة والرئاسة العامة لرعاية الشباب وعندما لا يتأهل المنتخب نحمل المسؤولية للمسؤولين وكأنهم هم من ينظم عملية النوم المبكر والأكل والثقة بالنفس والطموح وعندما يخرج المسؤولون في الأندية عقب كل خسارة ويحملون التحكيم مسؤولية خسارتهم فليس للرئيس العام أو نائبه دور في ذلك إنها ثقافة مجتمع وطرق تعايش وتعامل وإذا أحسنا في طريقة التعامل مع الأساليب التربوية الصحيحة سيكون لدينا مجتمع لا يحتاج إلى مرور ولا لجنة انضباط وسيكون لدينا محترفون على مستوى كبير دون رقابة.