|


مصطفى الآغا
فاقد الشيء
2009-01-27
أتفهم أن تكون هناك حساسيات بين الأندية لأنه أمر منطقي وغير المنطقي ألا تكون هناك حساسيات.. ولكن بنفس الوقت من غير المنطقي أن تطفو الحساسيات على كل شيء وأن تغيب الحقيقة لصالح العواطف وهذه إن قبلناها من المشجعين العاديين إلا أنها غير مقبولة ولا معقولة ممن ارتضوا أن يكونوا إعلاميين يشكلون الرأي العام الرياضي في بلدانهم ويقودون جماعات كبيرة من الناس إن كان بآرائهم أو تعليقاتهم أو وصفهم أو تحليلاتهم للأحداث.. وهنا تكمن المعضلة.. فأن تكون خارج الدائرة فهذا يعني أن تكون الصورة أوضح بالنسبة لك كإعلامي ولكن أن تكون داخل الدائرة فهذا يعني أن تتأثر سلبا أو إيجابا بما تراه من خلال انغماسك في الدائرة وليس من خلال البعد عنها فتخرج الأحكام عاطفية وليست عقلانية وبهذا تجانب الحقيقة المجردة التي يبحث عنها الجميع ولا يجدونها..
الزميل سعد المهدي كتب في مقالته ليوم الإثنين كلاماً أراه جد مهم فهو بدأ مقالته بعبارة تقول " إن موقعك من الأحداث له تأثيره على تفسيرها ووصف طبيعة مجرياتها وتصنيف ما تنتهي إليه ".. إذن الكلمة السحرية هي موقعك من الأحداث، فإن كنت تنتمي لأي ناد كان وهو حق لك فأنت سترى بعيون هذا النادي وليس بعيون الحقيقة وهنا يبدو عادياً وطبيعياً أن تكون هذه الرؤية ضمن صحافة ووسائل إعلام الأندية ولكن ليس ضمن وسائل الإعلام الوطنية التي تخاطب الجميع أو من المفترض أن تخاطب الجميع وأخطر ما في الموضوع أن يكون المسؤول عن الرياضة في صحيفة عامة من المنتمين لناد معين لأنه سيفرض آراءه ورؤاه ومقالاته وتصنيفاته ـ التي تحدث عنها الزميل سعد ـ على جموع الناس وهنا برأيي تأتي سلطة رئيس التحرير الذي يجب أن يكون من خارج الدائرة وليس منغمساً في عواطفها وانفعالاتها وليس سراً أن هذا الشرط قد لا يكون متوفراً في الكثير من المطبوعات العربية..
أعتقد أن الإعلام كممارسة يجب أن يكون ديموقراطيا والديموقراطية تفترض رأي الأغلبية وتفترض أيضا المسؤولية فلا حرية بدون مسؤولية ولا مسؤولية حقيقية بدون حرية كي لا تتحول المسؤولية إلى عمل روتيني ولا الحرية إلى عمل ببغاوي يردد فيه الإعلامي ما يريده المسؤول أو ما يُمليه عليه..
هل نحن كإعلاميين منضبطون؟ وهل نحن محايدون؟ هل نحن موضوعيون؟ ومن يحكم علينا؟ هل يحكم علينا الشارع المتعصب لكل ما يحمل لون ناديه وبالتالي كل من لا يحمل هذا اللون هو ضدنا؟
هل يمكن تفسير بحثنا عن الحقيقة بأنه محاولة لتحطيم الآخرين والنيل منهم ومن صرحهم الرياضي؟
وهنا نأتي إلى السؤال الكبير.. ما هي الحقيقة المجردة طالما أن موقعنا من الأحداث هو الذي يُلوّن الحقائق حسب رؤيتنا الشخصية لها؟
حتما هناك أمور لا يمكن الاختلاف عليها وهنا يجب علينا أن نبني على ما يجمعنا من هذه الأمور وليس على ما نراه صحيحاً من منظورنا الشخصي.. فعندما يظلم حكم ما فريقنا بضربة جزاء ثم يهدينا ضربة جزاء ظالمة ونغض الطرف عنها فنحن (نكذب على أنفسنا قبل أن نكذب على الآخرين) وعندما ننتقد الآخرين ولا نقبل النقد على أعمالنا فنحن أيضا (متلونون وبالتالي نحلق خارج سرب الموضوعية..
عندما نرى النجم نجماً فقط في فريقنا ونراه قزماً لدى الآخرين فهذا تعدٍ على المنطق والعقلانية، وكم من زميل كتب يوماً مناصراً لفلان ثم هاجمه بعدما تلونت الحقائق لديه وصار الأبيض أسود والأسود أبيض.