|


فهد عافت
عن مقدّمات الكُتُب!
2019-01-28
ـ لا أضمن نجاح هذه الخطّة، لكن حين يتعلّق الأمر بقراءة القصص والروايات، فإنني أعمل بها وكثيرًا ما تنجح: أقفز عن أي مُقدِّمة للكتاب، ما لم تكن موقّعة باسم الكاتب نفسه!. وحين أنتهي من قراءة الرواية أعود لقراءة التقديم!.
ـ حين تكون المقدّمة بقلم المؤلِّف نفسه، أعتبرها جزءًا من العمل، فلا أتجاوزها. أقول: هو أدرى بعمله، وما وضعها ليُفسد عليّ المتعة، وإلّا فإنه سيكون غبيًّا، وحينها سيُنقذني غباؤهُ منه، فلا أُضيع وقتي!.
ـ أمّا حين تكون المقدّمة بقلم المترجم، أو أي اسم آخر غير صاحب العمل نفسه، فإنني من هواة القفز!. أتجاوزها، لا أرجع إليها إلا بعد الانتهاء من قراءة الرواية، ذلك أن كثيرًا من المقدّمات مُخرِّبة للمتعة!.
ـ في المقابِل أشهد أنّ بعض المقدّمات التي رجعتُ إليها فيما بعد، أعادتني بحب وبفهم لقراءة العمل مرّة أخرى، واستيعابه من جديد بطريقة مغايرة، لكن مثل هذه المقدمات كانت قليلة جدًّا، قليلة بمعنى قليلة، وجدًّا بمعنى جدًّا!.
ـ ترجمة عربية لرواية "تفتيش ليلي"، عن دار طوى، تبدأ بمقدمة بعنوان: قبل أن تقرأ!. 7 وريقات صغيرة، يكفي أول 3 منها، للتوقف عن القراءة وطيّ الكتاب!. مثل هذه المقدمات هي التي يُستحسن تركها إلى ما بعد الانتهاء من الرواية!.
ـ في المقابل، فإن مقدّمات وملاحظات ودراسات جبرا إبراهيم جبرا المرفقة مع ترجماته لأعمال شكسبير "المآسي الكبرى"، تُشكّل أدبًا مهمًّا بحد ذاتها!. لا أقول لا يمكن تجاوزها، أقول إنّ قراءتها تضيء وتُحفِّز!.
ـ فيما عدا القصص والروايات، أجد متعةً وفائدةً ومكاسب طيّبة في قراءة التقديم والتوطئة، خاصة حين يتعلّق الأمر بكتب الفلسفة والاجتماع والتاريخ وما اقترب منها وما دار في فلكها!.
ـ عمومًا، كُتُب الروايات ليست مثل أفلام السينما!. يمكن لمعرفة أحداث فيلم سينمائي أن تتسبب في هجره وعدم مشاهدته، وهو ما لا ينطبق على الروايات، اللهم إلا تلك الروايات المكتوبة مِن قِبَل أصحابها برغبة لتحويلها إلى أفلام، مثل روايات دان براون، أو الروايات المُسمّاة بالبوليسية، وهو اسم تجاري وليس أدبيًّا!.
ـ أهم ما في الرواية: العمق الإنساني المصاحِب لأحداثها أو المنبعث والناتج من ومع هذه الأحداث!.
ـ الروايات الفخمة، التي استحقت البقاء دائمًا، لم تكن الأحداث فيها عجائبية ولا ذات طابع سيركي، على العكس، كانت في معظمها تمرر أعظم وأعمق مشاعر الإنسانية عبر أحداث بسيطة وشبه طبيعية، بل مكررة!.
ـ عندما أكون مُستَفَزًّا، ومتشوِّقًا، لمعرفة ما الذي سيحدث بعد لحظات، أعرف أنني أمام رواية مُسليّة لكنها أقل قيمة!. الرواية التي أعرف أنها ستُسكنني قِيَمًا وقد تغيّر من فهمي وخُلُقي، هي تلك التي أكون فيها مُستَفَزًّا، ومُتشوِّقًا، لمعرفة ما الذي سيتغيّر في شعور وأحاسيس الشخصيات بعد قليل!.
ـ يا للقراءة، ما أطيبها وما أصعب الإمساك بأسرارها، كأنني أقول الشيء وعكسه، أكتب وأمحو!. والخلاصة: ليت كل مُقدّمات الكتب تتأخر!.