|


تركي السهلي
غرور واكتمال
2024-05-14
مرّة بعد أخرى، يُثبت الهلالي أنّه لا يكتمل إلاّ بالنصر. طرق أزرق شديد، وكأنّ المسألة لا تلين، رغم المسافة الزمنية الطويلة. والحالة الهلالية الدائمة، تضع من الأصفر همًّا لا يغيب، وحالة يعيشها ليل نهار، لتبدو كما لو كانت زادًا وشرابًا على مدار اليوم. وهذا الأمر قاد الأزرق إلى أن يكون حاضرًا، على عكس جاره الذي يختال أكثر من اللازم، ويرى في ذاته مكانة أرفع، وتاريخًا أقدم.
والنصراوي أمام الهلالي مغرور، ومتضخّم، إلى الدرجة التي لا يرى فيها جاره اللدود، ولا يعتبر إلى حسابات النديّة. والتفوّق الأزرق، يأتي في معظم الوقت بسبب جَلَدهِ، ورؤيته الدقيقة لحجم الساكن في أطراف العاصمة من ناحية الغرب.
والغرور الأصفر نبع من مرحلة البدايات، فهو الأكبر سنًّا من أزرق الرياض، والأول في ظهور اللاعبين البارعين، والمحتضن للنجوم الأكثر مهارة، والحضور الطاغي، والأطول في مسيرة النور، والفنّ، والجماهير، والأدب، والأدباء، والشعر، والشعراء، والطُلاّب، والطالبات، والأُمراء، والأميرات، والكِبار، والكبيرات، والصغار، والصغيرات. في عمق الرياض، لم يكن هناك أثرًا يُكتب سوى النصر. كان الامتداد النصراوي، هائلًا بضخامة تاريخ اليمامة، والعمّارية، والملقا، عربيًّا خالصًا بفصاحة لسان الأديب النصراوي الكبير عبد الله بن خميس.
والنصر، هو الأسبق في الاتساع الجغرافي، نحو الجهات الأربع من الأراضي السعودية، والأسطع لونًا بمثل ما أشعّ شمسًا في صباح.
وفي عُمر الهلال، الأصغر سنًّا، كان الدأب أكثر، والالتصاق بالكبير هدفًا، وروح الاستعداد سكنى لا تنهدم، والجموح نحو السحق، ركضًا مُنطلقًا مهما كانت العوائق. وحين الإدراك، لمعادلة الزمن مع النصر، أخذ الهلالي معه النذير، والوزير، والحصان، والبعير، وحامل الماء، وصانعي السيوف، والخناجر، والرماح، والدروع، والدموع، والخليط من الجموع.
إنّها القصة الطويلة بين النصر والهلال، بين الخيلاء الجمعي، واتحاد الجماعة، بين المكوث، والمسير، بين الكاتب، والقارئ، بين الشارع القديم، والطريق المُعبّد، بين القلم، والطامس، بين الرجل الذي يلعب العرضة، وذاك الذي يقفز مع كل نغمٍ، وإيقاعٍ. بين الطويل الزاخر، والقصير الماكر، بين الذي يبقى في بيته معظم الوقت، وبين ذاك الذي يعرف جيدًا أي البيوت يقصد.