مهدي علي.. مهندس اقتحم تاريخ الكرة
لايطلق الإماراتيون على المدرب الوطني للمنتخب الإماراتي لكرة القدم مهدي علي مهندس الكرة الإماراتية من فراغ.. فالمدرب الذي لا يتجاوز عمره الـ47 عاما نجح في صناعة جيل جديد سيهيمن على الكرة الخليجية لسنوات مقبلة وسيتجاوزها للعالمية.. لأنه يقوده باحترافية عالية.
وغير مهدي من جلد المنتخب الإماراتي بشكل غير معقول.. فـ17 لاعبا من الفريق الذي فاز على الكويت في نصف النهائي الخليجي هم من اللاعبين الأولمبيين.. ولم يبق من الجيل القديم سوى 6 لاعبين فقط.
ويحظى مهدي علي الذي احترف التدريب مباشرة بعد اعتزاله الكرة بدعم لم يسبق لأي مدرب إماراتي حظي بها بعد النجاحات التي تمكن من تحقيقها على مدار 4 سنوات عمل فيها مع الفرق الوطنية الإماراتية المختلفة من الناشئين حتى وصل الفريق الأول.. وهو يستحق هذه الثقة لأنه برهن في كل مرة أنه مدرب لا يقل عن مورينهو غوارديولا.
وخطف مهدي علي الذي يعمل مهندساً في هيئة الطرق والمواصلات في دبي، الأضواء وسجل اسمه بأحرف من نور في عالم التدريب، بعد أن كان أول مدرب محلي يقود منتخب الشباب للفوز بكأس آسيا للشباب 2008، ثم التأهل إلى مونديال الشباب 2009 في مصر.
وشكل الإنجاز الأخير محطة مهمة في مسيرة المدرب المستمرة منذ 14 عاما الذي سبق له أن قاد هذا المنتخب أيضاً إلى الفوز بلقب كأس الخليج للمنتخبات الأولمبية التي أقيمت في قطر في 2010، وحصل معه أيضاً في العام نفسه على وصيف بطل دورة الألعاب الآسيوية التي أقيمت في غوانغجو الصينية.. ويومها خسر المباراة النهائية أمام اليابان بعد مباراة لعب فيها الإماراتيون أفضل لدرجة أن الاتحاد الياباني لكرة القدم بعث بخطاب رسمي للاتحاد الإماراتي يشيد فيه بأداء الأبيض ويعترف فيه أنه كان الأفضل والأكثر استحقاقا للفوز.. بعدها أكمل مهدي نجاحاته وتأهل مع الأبيض إلى أولمبياد لندن 2012 للمرة الأولى في تاريخه.
حلم قريب
حقق مهدي علي حلم جماهير الكرة الإماراتية بوجود منتخب قوي يشارك في المناسبات العالمية الكبيرة بعد أن قاد الأبيض لتصدر مجموعته في التصفيات الأولمبية التي ضمت إلى جانبه منتخبات أوزبكستان وأستراليا والعراق، فتأهل مباشرة إلى الحدث العالمي (أولمبياد لندن) وأسهم وجوده لفترة طويلة مع لاعبي المنتخب الأولمبي في تحقيق مثل هذا الإنجاز، حيث قاد عناصره منذ أن كانوا معه في كأس العالم للشباب في مصر.
ويقترب مهدي الآن من جني ثمار كل ذلك بعد أن قاد الأبيض الإماراتي للتأهل للمباراة النهائية في خليجي 21 ولا يفصله عن الفوز باللقب سوى تحقيق الفوز الخامس له في البطولة.
ويطبق مهدي الذي يرفض أن يكون سلعة للإعلام نظاما احترافيا صارما مع اللاعبين الذين تبناهم منذ أن كانوا في منتخب الناشئين الشباب وساهم في بروزهم.. فالحوارات ممنوعة إلا في فترات قصيرة بعد كل مباراة، كما أنه نادر الظهور في الإعلام إلا في المناسبات التي تستحق، ويفضل أن يركز على عمله وسط الملعب وليس في الإعلام.
وقاتل مهدي كثيرا حتى تعطي الأندية الإماراتية الفرصة للاعبين الصغار للعب وراهن على نجاحهم حتى استطاعوا اثبات وجودهم، وبات أحمد خليل وعمر عبدالرحمن من أبرز اللاعبين الخليجيين الآن.
ثقة وهدوء
يتميز مهدي بالهدوء والثقة بالنفس.. فهو حتى في وسط الأفراح التي تعيشها الكرة الإماراتية حاليا بعد بلوغها نهائي كأس الخليج راح يفكر في المباراة المقبلة، ولايفكر كثيرا بكم الإشادات التي ينالها حاليا لأنه يعرف أنها لن تفيد كثيرا إذا ماخسر الأبيض اللقب غدا أمام العراق.. وفي كل حديث له يحول الإشادات للاعبين ويؤكد أنهم هم الذين يستحقون المديح.. ويؤكد كذلك أن فريقه يلعب دون خوف من أي خصم، لأن لديهم شخصية قوية في الملعب معتبرا هذا الجيل ولد بطلا.. لأنهم على الرغم من صغر سنهم إلا أن لديهم خبرة جيدة اكتسبوها من مشاركاتهم الكثيرة التي خاضوها.
إشادات كثيرة
يتلقى مهدي الإشادات في كل مكان الآن.. كان آخرها من الأسطورة الأرجنتينية دييغو آرماندو مارادونا الذي أبدى إعجابه الشديد بالأداء الذي يقدمه المنتخب الإماراتي حتى الآن تحت إشراف مهدي وقال :"أدهشني الانضباط التكتيكي الذي يؤدي به المنتخب الإماراتي وأدهشني أيضاً طرق اللعب التي يطبقها المدير الفني مهدي علي".
واستطرد قائلا: "أكثر ما شدني ولفت انتباهي في بطولة الخليج المنتخب الإماراتي، فمهدي علي يطبق أسلوب اللعب الحديث على أتم وجه، فالتجانس وغياب الأنانية والفردية وإضفاء الجماعية على الأداء الإماراتي والانضباط التكتيكي هي الطريقة المثالية لتحقيق النصر واللعب بالطريقة الصحيحة الحديثة."
وتوقع مارادونا الذي يعمل سفيراً شرفياً حالياً في دبي أن يظفر المنتخب الإماراتي بلقب خليجي 21 إن استمرت الكتيبة البيضاء على نفس المنوال في المباراة النهائية.. وأضاف :"أتابع هذا المنتخب منذ أولمبياد لندن 2012، أعجبني فيهم عدم الرهبة من المنافس والهجوم حتى ولو كان أمامهم في الملعب لاعبون كبار ومنتخبات كبيرة كأورجواي وبريطانيا، أداؤهم كان ينقصه فقط الصعود إلى الدور الثاني، لكن كانوا يستحقون ذلك بالفعل".
كما أبدى مدرب المنتخب العراقي حكيم شاكر إعجابه بعمل مهدي وقال:"أعتبر المدرب الإماراتي مهدي علي نجم البطولة وأتمنى أن تثق كل الاتحادات الخليجية في المدربين المواطنين وتعطيهم الفرصة خصوصا أن تاريخ البطولة يشهد على نجاح المدربين المحليين ومنهم مدربون عمالقة".
كما قال عنه المشرف على منتخب الإمارات عدنان الطلياني: "مهدي أصبح صاحب خبرة طويلة بعد خوض كأس آسيا للشباب ونهائيات الآسياد (دورة الألعاب الآسيوية) وأولمبياد لندن".. وأضاف: "يعرف مهدي كيفية التعامل مع الفرق الأخرى واثبت أنه مدرب يدرس الفرق الأخرى".