الملغوم في فن التمثيل!
ـ سأدخل في منطقة ملغومة!. الأفكار حولها، كلّما ازدادت وضوحًا، ذهبَتْ بي إلى لغة لَبِكَة!
ـ أتحدث عن التمثيل، عن كل ما هو فنّي ومرتبط بالجسد، بحركة الجسد وبانفعالاته، بلعبِهِ حقيقةً لا مجازًا أدوارًا في تكوين العمل الفنّي!.
ـ للفن تعريف واسع جميل، أنّه "كذبة"!. وأنّ مهمة الفنّان ومَكْمَن عبقريّته، تقديمه هذه الكذبة بأعلى قدر من المهارة والحرفيّة المؤديّة إلى قبولنا لكذبته كحقيقة!.
ـ يكون هذا القبول عاطفيًّا أولًا، ثم تقوم هذه المتعة العاطفية بالتأثير على العقل، باستمالة ممتعة لنشاطه، في صالح كل ما هو روحي و"غير ملموس"!.
ـ لكن دخول "الجسد"، الجسد بحقيقته وليس عبر كلمة أو لون، وجوده كجزء من العمل الفنّي، كما هو الحال في التمثيل، أمر لا بدّ له أن يُربِك التعريف السابق، فهو يضيف إليه ما لا يمكن قبوله ككذبة!، وبالتالي يشوّش على مفهومه!. هناك "حقيقة" داخلة في الأمر يا جماعة!.
ـ هنا، مسألة الأخلاق، تدخل دخولًا أصيلًا في صُلْب الحكاية!. لا أتحدث عن الأخلاق الفنيّة التي يتطلبها العمل ليكون فنّيًّا، أتحدث عن الأخلاق الاجتماعية الظاهرة والمكشوفة بالفطرة أو بثقافة المجتمع!.
ـ أقدِر على تقبّل شعر "أبو نواس" تقبّلًا جماليًّا. أفصل بين الجميل فنيًّا في قصيدته وبين القبيح موضوعيًّا فيها!. ما شَذَّ وما فَذَّ!.
ـ يتحدث عن "حبيب" فآخذ الأمر بما تتسامح معه اللغة العربية، حيث تذكير المؤنّث جائز، خاصةً في الغَزَل!. وفي خمرياته أتعامل مع الكأس على أنها "الشكل الفني" ومع الخمرة على أنها "الخيال الشعري"!. باختصار: أقدر على ما يشبه تجاهل "الخليع" اجتماعيًّا، لصالح "البديع" فنيًّا!.
ـ الشعراء يقولون ما لا يفعلون، في هذا تكمن الوقاية الأعظم للفنّان من أي سُلْطَة عليه خارج فنّه!. لكن هذا لا يحدث في غير الفنون التي ينفصل فيها الجسد عن العمل نفسه، لا يحدث في التمثيل!. هنا مربط الفرس ومَرْنَن الجرس!.
ـ مع فن التمثيل، أُصَاب بانفصام شخصيّة، فمن ناحية أقرّ أنه فن عظيم، وأنّ ما ينطبق على بقيّة الفنون ينطبق عليه، ومن ناحية لا أقدر على تجاوز "الخليع" منه إلى "البديع" فيه!.
ـ ورطة فن التمثيل، أنه واقع بين طرفين، أحدهما يراه نقيصة وعملًا رذيلًا،ص"عيب وحرام"!. وأحدهما يدافع عنه بحرارة وفهم، لكنه ولفرط "فهمه" يتحايل فيتمايل عن أحد أهم إشكاليّاته: حضور الجسد!.
ـ لا نكذب على حالنا: القُبْلَة وما بعدها في التمثيل، ليست مثل القُبْلَة وما بعدها في الشعر والرواية!.