فن الأسئلة!
ـ في الفن.. كل حكم نهائي هو حكم خاطئ، وكل حكم صارم هو حكم جائر!.
ـ هذا لا يعني أن الحكم الفنّي رخو، ولا حتى متسامح!، لكنه يعني أكثر ما يعني “الحركة”!. يعني أنّ له طبيعة الفنّ نفسه: الحركة، وقابليّة التغيّر، وإمكانيّة الاحتمالات والتأويل على قنص صيد جديد.. ثمين ونادر!.
ـ معرفة الجواب الصحيح، هذه مسؤوليّة العِلْم. الفن مسؤول عن شيء آخر تمامًا، عن معرفة الأسئلة الصحيحة!. ليس عن الأسئلة بحد ذاتها، لكن عن الكيفيّة التي تتحرّك بها العقول والأفئدة لطرح الأسئلة!.
ـ كثير من الناس، يقضون حياتهم تبعًا لإجابات يظنون أنها قاطعة، لمجرّد أنهم أُرْضِعُوها صغارًا!. حتى إنهم يظنونها فِطْرة!.
ـ فيما بعد ينتبه عدد قليل منهم إلى أنها ليست كذلك، ليست فِطْرَة، أو أنها على الأقل قد لا تكون فِطْرَة!. ومع ذلك فإن أكثر هذا القليل يرتدّ عن فكرته الجديدة هذه!. تُرعبه فكرة أنْ يكون قد رضع فعلًا حليبًا فاسدًا!.
ـ يقمع الاحتمالات سريعًا، ويعود للأجوبة الجاهزة، الأجوبة التي فيها رائحة المِهاد!. يُدافع عنها بما يشبه صِلَة الرَّحِم!.
ـ تصير مهمّته المُقدّسة.. البحث عن معلومات جديدة وأقوال جديدة تؤكّد وتُناصر مفاهيمه القديمة، ويصير كل جديد مغايِر، يتعارض مع هذه المفاهيم، عدوًّا شخصيًّا له، يقمعه بتجاهله إياه، بعدم تدبّره، بتكذيبه، بإنكار حقه في التواجد، بإخفائه عن نفسه وعن الآخرين، فإنْ لم يستطع فبتشويهه!.
ـ كل من يحذّرون من قراءة الكتب، كل من يدّعون أنّ التعمّق في قراءة الأدب والفلسفة يضرّ ويشوِّش ويشكل خطرًا شيطانيًّا، مرّتْ عليهم لحظة شك لم يتعاملوا معها بشجاعة، خافوا منها؛ لأنهم لم يتعلّموا كيفيّة الأسئلة!.
ـ وهم لا ينصحونك بما ينصحون حبًّا فيك، بل خوف منك!.
ـ السؤال الذي يوجِّه إلى إجابة محدّدة، السؤال الذي لا ينتظر غير جواب واحد معروف سلفًا ومحفوظ في قلب السائل، ليس سؤالًا!. أو أنه سؤال مُعَلِّم لا سؤال من يريد أن يتعلّم!. سؤال يختبرك ولا يختبر نفسه!. هو في أكرم حالاته: إجابة جبانة، تخفي جبنها بالتغطرس!.
ـ لماذا أقرأ؟، ـ لأتعلّم الأسئلة!. لماذا أتعلّم الأسئلة؟، ـ لكي أُقرِّر، ولا يُقرَّر لي!.