2018-05-08 | 04:17 مقالات

كيف نقرأ كتابًا؟!

مشاركة الخبر      

ـ منظرك سيكون هزليًّا فيما لو رحت تأكل "ساندويتش" بالملعقة، ومثيرًا لسخرية تقترب من الفضيحة فيما لو أنك حاولت استخدام الشوكة في صحن "الشوربة"!. والأهم بكثير من منظرك في عيون الناس، ضياع جهدك هباءً، ليست كل الأصفار مُضحكة، لكن صفْرك هذا لا يدخل في هذا الاستثناء على سِعَتِه!.



ـ كيف نقرأ كتابًا؟!. جوابي هو ما قلته قبل قليل!. وكل جواب رأي، وكل رأي قابل للخطأ، وغير قابل للكمال، ولا قادر على الإحاطة!. لكنه جوابي على أي حال!.



ـ كيف نقرأ كتابًا؟!. أضع "كتابًا" بين قوسين، أفتحهما على دردشة: "كتابًا" تعني كل كتاب وأي كتاب. بالتالي لا تعني شيئًا محددًا!، لا تعني كتابًا بعينه!. كلمة زائدة، تُرمى، على أمل أنْ يكون السؤال أكثر تماسكًا: "كيف نقرأ...؟!".



ـ لكن "نقرأ" هذه ليست واقعيّة!، على الأقل ليست طبيعة قرائية!. صحيح أن القراءة تاريخيًّا بدأت غالبًا بشكل جماعي، لكنها فَلَتَتْ منذ سنين طويلة جدًّا، من هذه الطقوس البدائية!.



ـ ما زالت بعض التجارب تحاول استعادة هذا الماضي السحيق، دون جدوى، اللهم إلا فيما يخص القراءة للأطفال، حيث الصوت لا يزال مُمسكًا بحنان الأم، في قراءة المرأة، وبحماية الأب، في قراءة الرجل، وبروح مرح اللعب الجماعي بالنسبة للأطفال!.



ـ القراءة عمل فردي، حتى الكاتب نفسه يصير خارج اللعبة!. لا أحد معك ولا أحد غيرك في الكتاب، بما في ذلك الروايات التي تضم كل واحدة منها أكثر من مئة شخصية!. كل هذه الشخصيات أنت، كلها شخصيّتك وتشخيصك!. عموميّاتها تخصّك وحدك، وخصوصيّاتها تعمّك وحدك!.



ـ أتحدث عني وعنك كقرّاء، قرّاء فقط، قبل أن نتحوّل إلى نُقّاد أو منظّرين، قبل أن نحاول استعراض عضلاتنا على الآخرين. قرّاء فقط، قبل أن نفقد براءتنا!.



ـ من الواضح أنْ رَمْي كلمة "كتابًا" لم تكن كافية، وأنْ علينا تعديل كلمة "نقرأ"، فيكون السؤال: "كيف أقرأ؟!".



ـ أظن أنّ السؤال بهذه الصيغة صار أكثر تماسكًا فعلًا، لكن "أقرأ" هذه تؤكد خصوصيتك!، جوابها عندك، كل ما يمتلكه الآخر، أنا أو غيري بالنسبة لك، وأنت وغيرك بالنسبة لي، وأنت وأنا بالنسبة لغيرنا، هو أن نوجّه أو نحذّر، والقراءة حب، والحب أقوى من التوجيه وضد التحذير!. كلّنا عُذّال وإن صَدَقْنا، وإنْ أحسنّا النيّة، والقارئ عاشق، خاب مسعاه إنْ هو أسلم لنا مشاعره!.



ـ راحت "كتابًا" وتبعتها "نقرأ" حتى بعد ترميمها!، بقيتْ "كيف ... ...؟!". أقول: كيف حالك؟!.