الحب كلّه من طَرَف واحد!
ـ أقرأ كثيرًا، عبارات مثل "لا تُفرِّط في قلب أحبك"، " تمسّك بمن أحبّك قدر ما تستطيع وأكثر"، عبارات عاطفية، تكتب غالبًا بحسن نيّة، يشعر المرء بمعناها العام فيتقبّله، إنها دعوة للحب وتوصية عليه، أو هكذا تبدو للوهلة الأولى!
ـ اسمحوا لي، أعترض!. لا أرى في مثل هذه النصائح غير هشاشة في الفهم، غير لَبْس!، وغير محاولات مستميتة لمؤازرة الابتزاز العاطفي!، ودعوات ساذجة للقبول بهيلمانه، هيلمان الابتزاز لا الحب!. الأمر الذي ما إنْ يتورّط أحدنا بتصديقه، حتى يكره الحب نفسه!. يكرهه في منتصف الطريق أو قبل ذلك!، يراه عبئًا ثقيلًا، ومسؤوليةً خانقةً، وطاعةً مُذِلّة للروح والجسد!.
ـ ظاهريًّا، تبدو مثل هذه الأقوال مريحة، ذلك لأنّها تُفرِّغ الحب من المعاناة الحقيقية التي فيه!، من ثمن رهانه المَهُول!، فهي لا تتحدث عنك كمُحِب بل كمحبوب، الأمر الذي قد يريحك من المعاناة، يصير كل ما عليك هو القيام بردّة فعل طيبة تجاه مشاعر طيّبة، تبدو المهمّة سهلة بل ومبهجة.
ـ لكن ماذا عن باطن القول، عن الُّلبّ تحت القشرة، لا أراه إلا تُربةً لزراعة الوهم، وغطاءً للهروب من لاهِبَات الحقائق، بسحب فضيلة زائفة للعب دور ما على خشبة المسرح!.
ـ اهتم بمن تحبّ، حاول أن تكسب قلبه، أمّا من يحبك، "في حال لم تكن تمتلك له مشاعر حب"، فيكفيك من النبل التبسّم، والتغافل عن هفواته البسيطة وعلى ما تقدر عليه من "حِشَرِيّته" متى ما وُجِدَتْ، وعدم محاولة إيذائه قدر ما تستطيع!.
ـ لكن الحب ليس بضاعة. الحب ليس كرمًا ولا تفضّلًا من أحد على أحد!. وهو ليس مُبادَلَة!.
ـ أنا أحبك لأنك تستحق، لأنني رأيت فيك ما يجعل من عيوني أقدر على رؤية الجمال، ووجدت فيك ما يؤكد أن خَفْق القلب نِعمة!، وبالتالي فأنت المُتفضِّل عليّ بمحبتي لك وليس العكس!، ولأنك صاحب الفضل فمن واجبي إحاطتك بالسعادة حتى لو كانت في بُعدي عنك، وتقديم الحماية لك من أدنى أذيّةٍ وبالذات من أذيّة اقتحامي لحياتك رغمًا عنك، أذيّة مطالبتي بتبادل مشاعر هي ليست موجودة إلا عندي!.
ـ حاول أن تتقرب ممن تُحِب، فإنْ لم تنجح، فذلك ليس نقصًا بالضرورة، لكن إنْ اعتبرتَهُ نقصًا، لا ترمي بنقصك على من شهد له قلبك وفكرك بالتّمام!.
ـ وإنْ نجَحْتَ فتأكّد أنْ نجاحك كان بسبب جودةٍ فيك، وحاجةٍ من غيرك إليك، فلا فضل لمن أحبك عليك مثلما لا فضل لك على من أحْبَبْت!.
ـ الحب كلّه من طرف واحد!، ليس هناك حب
من طرفين!. ما يُسمّى عادة بالحب من طرفين هو في حقيقته "حُبّيْن" كلّ حبٍّ منهما من
طرف واحد!.