2018-03-22 | 02:51 مقالات

رَغُوبًا طَرُوبًا شديد النَّهَم!

مشاركة الخبر      

يعرف ذلك كلّ من جرّب الحب، أعني يعرفه الجميع: ما إنْ يبدأ القلب بالخفقان، حتّى تكون واحدةً من أطيب أمانيه، أنْ يعرف كيف يفكِّر المعشوق وبماذا يُفَكِّر!. يريد الأمرين معًا، فهو يدري أنه فيما لو تحصّل عليهما، كسب الجولة لا محالة!.



ـ القراءة حب، وأنتَ ما لم تحب ما تقرأ، فإنك لم تقرأ!. أمّا إذا خفق قلبك، مع صفحة أو عبارة أو سطر أو جملة أو حتى كلمة، فإنّك ستصبح جزءًا من أمنيتك!، تريد معرفة كيف فكّر الكاتب بما سبق، وبماذا يفكِّر في السطر القادم، وما الذي ينتظرك في الصفحة التالية!.



ـ الذين ينظرون إلى حجم الكتاب، وما إذا كانت فصوله قصيرة، لاهثة الترقيم، أم أنها طويلة، والكتاب ضخم الحجم، وعلى ذلك يقررون القراءة من عدمها، فهؤلاء يُريدون منادَمَة لا حكاية حب!. ولا بأس في ذلك أيضًا، لكنني لا أعتبرهم من أصحاب الحظ العظيم، ولا الجاه الكبير، هُم ركّاب في القطار، لكنهم حرموا أنفسهم من الدرجة الأولى!.



ـ القراءة فن، مثلها مثل الكتابة، والفن موهبة، والموهبة صبر عاشق، والعاشق لا يرى نفسه صابرًا بل متلهِّفًا شغوفًا طامعًا، رغوبًا طروبًا شديد النَّهَم!، خارج الاكتفاء والتّبرِّم والزُّهْد والرِّضا والسَّأم!.



ـ إنْ أردتَ تجريب القراءة كفَنّ، فلا تقرأ غير ما يصنع اللهفة ويجدّدها دائمًا. لا تهتم بما يتداوله الناس، ولا بآرائهم حول كتاب معين أو كاتب محدّد!. لا تُرهق نفسك. تذكَّر دائمًا تلك الجملة الطيبة المُريحة التي يقبل بها صاحب دعوة العشاء اعتذارك عن قبولها: "إكرام النفس هواها"!.



ـ نعم، الكتاب يُقرأ من عنوانه، إن كنت مبتدئًا وقادرًا على الشراء، فاتبع حدسك وهواك، واقطف من المكتبة عشر عناوين جاذبة، تشعر بينك وبين نفسك أنك تريدها فعلًا، بعدها قَلِّب صفحات الكتاب، أمهله قليلًا، عشر صفحات فقط، أو أكرمه بعشرٍ أخرى، فإنْ لم تجد أنه طواك إلى صفّه، وأخذك إلى دنياه، وأحسست معه أنك محظوظ جدًا لملاقاتك إياه، تريد تكملته بأي شكل، حتى أنه يستحق أنْ تعطيه من الوقت المخصص لغيره، فلا تُكمله، أغلقه، وفي اليوم التالي جرّب مع الكتاب الآخر، وهكذا!.



ـ هنالك حلّ آخَر، أطيب وأقلّ تكلفة: زيارة المكتبة العامّة!. هناك يمكن لك تصفّح أي كتاب تريد، واستعارة ما يطيب لك، إلى أنْ تقع على حبّك الأول!.



ـ يكفي أنْ تُحب كتابًا، أو كاتبًا، لتدخل عالم الفن القرائي، وعندها اسمح لي: عملية خروجك من هذا العالم ليست مضمونة أبدًا!.



ـ قبل أيام، راسلني أخ كريم من أصدقاء شبكات التواصل: اقترح عليّ خمسة كتب مشوِّقة وممتعة. كان ردّي: أسعدك الله، وما أدراني بالممتع المشوِّق بالنسبة لك، أنت أدرى بنفسك!.



ـ القراءة علاقة حب، ولن يدلّك على محبوبك إلا قلبك!. القراءة بدليل غير خفقة القلب وانتشاء الروح، قراءة نعم، لكنها ليست فنيّة!. لها فوائد دون شك، فوائد تعليمية أو إرشاديّة أو للحصول على شهادة أو وظيفة، ومن الآخر هي زواج صالونات وليس حباً!، ونعم قد يحدث الحب بعد الزواج لكن لا تثق كثيرًا بنسبة نجاح هذه المخاطرة!.