2018-03-10 | 04:32 مقالات

نحن القرّاء.. حتى فهمنا الخاطئ صحيح!

مشاركة الخبر      

تعلمت، إنْ كنت تعلّمت شيئًا، أنه لا يجوز في عالم الكتابة، الرد على أحد بالقول: "فهمتني خطأ"!.



ـ لا أتحدث عن رسائل خاصة، محدّدة بمعرفة واضحة للطرف الآخر، تسيّرها لحظة حرجة أو مشاعر وجدانيّة ممتدّة!. أتحدث عن الكتابة والقراءة بشكلهما الإبداعي، وبتلاقحهما الفنّي المأمول والمُنتظَر، والمُتَّفَق عليه سَلَفًا.



ـ يكتب أحدهم رسالة خاصة لصديق يعاتبه أو يحاسبه، يشرح أو يعتذر، هذا شأنه، لكن متى ما قرر صاحب هذه الرسالة نشرها، فهي موجّهة لي كقارئ، كل ما فيها يخصّني، وأنا حر في إقامة علاقتي مع هذه الكتابة بالطريقة التي أفهمها، وبالمستوى الذي يناسبني.



ـ وليس من حق هذا الكاتب أن يقول لي: "فهمتني خطأ"، لسبب بسيط وواضح وضوح الشمس: أنا لم أفهمك، أنا فهمت الكتابة، علاقتي ليست معك، لكن مع السطر والجملة والعبارة والنص!.



ـ هذه الكتابة كانت منك، وتظل منك، الفرق أنها قبل النشر، كانت منك وكانت لك، لكنها بعد النشر لم تعد لك، هي لي، ولكل من يقرؤها على حِدَة، هي ألف كتابة متى ما قرأها ألف قارئ!، فإن أعاد قارئ قراءتها مرّتين صارت ألف كتابة وكتابة!.



ـ وحين أكتب رأيي، فإنني أكتبه فيها، لكنك حين تَرُدّ تكون قد تصرفتَ وكأنني أكتبه فيك، وهذا خطأ، لكن لا يحق لي أيضًا معاتبتك عليه أو توضيح الأمر لك بشكل خاص، وعبر أخذ طويل وردّ أطول، نصير بعده أمام كتابتنا لا خلفها!، نقدّم أنفسنا وكأننا أهم من أفكارنا المطروحة، والنتيجة غالبًا، زيادةَ سوء فهمٍ وشحْناء!.



ـ وأدري أن للأمر وجهين: وجهًا بشعًا ورديئًا، يتمثّل في أن كاتبًا آخر، لغِيرة مهنيّة أو لتصفية حسابات هو أدرى بها، يقرر عمدًا تقديم فهم خاطئ مُلتبِس لما تكتب!، حدث هذا ويحدث وسيظل يحدث، والحل من وجهة نظري تجاهله، كتبت مرّةً: لا تصحح ولا تشرح لمن تدري أنه يتعمد فهمك خطأً؛ لأنك فيما لو فعلت، ومهما فعلت، فإنه سيفهمك "خطأين" في مسألة واحدة!. 



ـ اُترك الأمر للناس، للقرّاء، ثق بهم، وتأكد أنّ سيل المثرثرين منتفخ الأوداج في شبكات التواصل، أو في غيرها، لا يمثّل القرّاء الحقيقيين، وإنْ مَتّْ لهم بِصِلَة!.



ـ أتحدث عن الوجه الآخَر، الطبيعي والمفترَض، والجميل، وجه القارئ الحقيقي، الذي يقرأ لنا ليصحبنا في رحلة سفر، وهو دائمًا أكرم منّا، فالكتابة بخل وحبس، والقراءة تأويل، والتأويل حريّة!. مثل هذا القارئ، وهو موجود دائمًا، يحق له أن يتعامل مع النص كيفما شاء، وأن يحكم عليه بما يرى!.



ـ القارئ الحقيقي مثل الملحِّن المُبدع، سيعطي كلماتك النغمات الخصبة التي تليق بها، وأنت لا تدري بأيّ حنجرةٍ من حناجر وجدانه سيغنّيها، وليست مسؤوليّتك!