المُلَحِّن!
ـ الملحِّن ليس عاقد قِران بين كلمات وحنجرة، لكنه علاقة الحب نفسها!.
ـ كل الذين ظنوا أو استخدموا الملحّن وموسيقاه على أنه مأذون شرعي خسروا الرِّهان، هدموا البيت بحجّة بنيانه وانتهت الحكاية بالطلاق، وأقصى ما أمكن توثيقه هو حضور حفلة عرس وتناول وجبة عشاء!.
ـ اللحن ليس زركشة، وهو بالتأكيد ليس إعادة نشر للقصيدة كيفما اتَّفَق أو نقلها من ورقة صحفيّة أو من ديوان شعر إلى حنجرة! هو أهم وأعمق بكثير.
ـ لمّا يكون الحديث عن أغنية ندخل في فن آخر مختلف عن فن الشعر، وحسْب الشعر أن يكون مكوِّنًا من مكوِّناته وجزءًا من أجزائه، لكنه ليس المكوِّن الرئيسي ولا الجزء الأهم لا ولا حتى الأمور متساوية!.
ـ ليس مهمّة اللحن أن يكشف كم هي الكلمات جذابة! رغم أن اللحن المشغول بإبداع يفعل ذلك دائمًا وبسهولة، لكنه فيما لو تمعنّا فإنّ اللحن لا يفعل ذلك إلا بعد أن ينجح وبتفوّق في أداء مهمّته الأولى، وهي أن يُثبت أن هذه الكلمات مجذوبة إليه، هذه الكلمات بالذات ودون غيرها، وعلى نحوٍ من الهَوَس لا يمكن مقاومته!.
ـ لا أقلل من أهمية الكلمات، لكنني أضعها موضع الوجه المراد رسمه، أما اللحن فهو الرسم والتشبيه منقوص أو قاصر؛ ذلك لأن المغنّي لا يلعب دور الإطار، هو أهم من ذلك، لكن فيما لو تركنا المغنّي جانبًا الآن أمكن للتشبيه أن يكون قريبًا وربما يفي بالغرض:
ـ الكلمات سابقة لأنها تلعب دور الشيء المُراد رسمه وجهًا كان أم شجرةً، أم صفحة بحر، كلّها أشياء سابقة، وبالتأكيد فإنّ كل منها يطرح شروطًا ومنه تبدأ تداعيات اللون وضرب الفُرشاة، لكن في نهاية المطاف فإن الأهمية الكبرى والكلام الذي عليه الكلام لعمليّة الرسم نفسها للمسة الرسّام لخطوطه وتخطيّاته، عنيفها.. خفيفها.. حفيفها.. لطيفها.. وظريفها! لقلقه ولتألّقه!.
ـ لا يقول الملحِّن المبدع: هناك أشياء كثيرة يمكن أن أفعلها، أو يقول مثل هذه الكلمات لتشجيع نفسه فقط، وفي بداية الأمر ليس إلا هو حين يدخل في “الغويط” يسمع نفسه تقول له: هناك شيء واحد يمكنك فعله استثمار كل شيء للخروج بلحن عبقري لا يتكرر!. تصرخ فيه موهبته: ادخل غيّر بدِّل اختصر أضف احذف افعل ما بدا لك أنت المخدوم لا الخادم!.