رحيل تركي آل الشيخ
أعلنت هيئة الرياضة أمس، إطلاق بطولة الملك سلمان الدولية لكرة اليد بمشاركة عدد من المنتخبات العالمية، وبجوائز تفوق الخمسة ملايين ريال، على أن تقام في مدينة الدمام.
وقبل ذلك بثلاثة أيام أعلن تركي آل الشيخ رئيس الهيئة، إقامة بطولة الأبطال لكرة الطائرة على كأس الملك سلمان في جدة، ومنذ تولي هذا الرجل حقيقة، والسعودية تسابق الزمن لاستضافة الأحداث الرياضية الكبرى مثل بطولة الشطرنج والسيارات العالمية التي استضافتها الرياض وبطولة الملاكمة العالمية التي ستقام لاحقًا، إضافة إلى البطولة العالمية الكبرى في الفروسية، التي ستستضيفها السعودية على كأس المؤسس؛ لتعزيز صورة هذا البلد كمهد للخيل العربية الأصيلة.
ما يقوم به تركي آل الشيخ في هذا المجال هو ما يسمى علميًّا بمصطلح الدبلوماسية الرياضية التي تعمل عليها قلة من البلدان، وتحديدًا يأتي أبرزها أمريكا من خلال خطة الاتحاد الرياضي وبريطانيا، من خلال حملة "غريت" والتي استخدمتها في أولمبياد لندن 2012 لتعزيز الصورة النمطية لبريطانيا العظمى، إضافة إلى كولمبيا التي تستخدم الدبلوماسية الرياضية لتحقيق أهداف داخلية بين الأقاليم.
والدبلوماسية الرياضية أمر استخدم من القرن الماضي، ولعل أبرز استخداماتها حين أعادت مباراة لتنس الطاولة العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين في العام 1970، فيما استغل القائد التاريخي الراحل نلسون مانديلا الرياضة لتوحيد جماعتين متحاربتين منذ أيام الصراع العنصري في بلاده، من خلال فريق الركبي وكأس العالم لهذه اللعبة التي استضافتها بلاده؛ ليعزز صورة جنوب إفريقيا بعد خلاصها من الحكم البائد.
كل ما ذكرته عن الدبلوماسية الرياضية والأحداث الرياضية الكبرى التي تستضيفها السعودية يقوم به رجل واحد هو تركي آل الشيخ وحده بمجهود فردي، ولكن ماذا إن رحل هذا الرجل وترجل عن مسؤولية الهيئة؟ هل سنفقد كل هذه الجهود والخطوات الكبيرة التي قطعناها عبر الدبلوماسية الرياضية، أم أننا سنبحث عن شبيه له أو نحاول استنساخه؟
في الأسبوع القادم ولضيق مساحة النشر وتسلط الزملاء وتشددهم حول عدد كلمات المقال، سأحدثكم عن ما يتوجب فعله لكي لا نخسر هذه المكانة ولنحافظ على الدبلوماسية الرياضية بعد رحيل تركي آل الشيخ، ولنؤسس للدبلوماسية الرياضية في بلادنا بعيدًا عن الأشخاص، ولنعزز نفوذ السعودية في هذا المجال طوال عقود بدلاً من أن ننام على هذه الذكريات بعد رحيل هذا الرجل، ونعود من نقطة الصفر بجهد أكبر وصرف مالي أعلى.