دلال الدوسري ـ من يقول ما نعرف؟
في الآونة الأخيرة تناول عدد من مسؤولي الرياضة السعودية التوجه إلى الاستفادة من أفضل التجارب العالمية لتطبيقها في عدد من المجالات أحدها في المسؤولية الاجتماعية، متجاوزين تجارب محلية ناجحة وفاعلة لا يمكن إغفالها أو إنكار جهود قياداتها. فبرأيي، أفضل التجارب المحلية على مستوى الاتحادات الرياضية الواقعة تحت مظلة اللجنة الأولمبية ـ حتى الآن ـ هي للاتحاد السعودي للطب الرياضي، وهو المعني بتطوير مهنة الطب الرياضي بجميع مجالاته وتحقيق الممارسة الآمنة للرياضة في المجتمع.
فقبل عامين وبعد قرار لإعادة تشكيل مجلس إدارة الاتحاد، اُستحدث على إثرها لجنة دائمة تعنى بالاستشارات والمسؤولية الاجتماعية، ضمّت 5 أعضاء و10 مستشارين من الجنسين في مدن المملكة، وبتخصصات متعددة تابعة للنشاط الأساسي للاتحاد. هؤلاء المتخصصون بادروا في صياغة خطة عمل واضحة الأهداف، تم نشرها بالكامل على الموقع الإلكتروني ـ وهو ما لن تجده في أي اتحاد آخر ـ ليتسنى لجميع المهتمّين الاطلاع على الخطة ومتابعة ما تم إنجازه في كل جانب. ولم يكتفِ الاتحاد بوضع خطط واعدة ليجترّها مسؤولوه في كل مؤتمر وظهور إعلامي، بل تم الانتقال فوراً لمرحلة التنفيذ. وسأورد هنا 3 أمثلة فقط ضمن عدد كبير من برامجهم المنفذة، مثل ورشة عمل "الموت المفاجئ القلبي في الرياضة" والتي ناقشت المستجدات في مجال التشخيص المبكر لحالات الموت المفاجئ في الملاعب، واعتماد هذه الورشة من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية بـ 16ساعة تعليم طبي مستمر للحضور من الممارسين. وفي تعاون آخر مع هيئة التخصصات تم مناقشة إشراك الاتحاد في عملية التصنيف والاعتماد لممارسي الطب الرياضي في السعودية واقتراح برنامج زمالة في تخصص الطب الرياضي. وبرنامج بعنوان "11 بلس" موجه للأندية والمدارس للوقاية من الإصابات الرياضية. ولو لم ينفّذ اتحاد الطب الرياضي سوى هذه البرامج الثلاث فقط، فقد كَفَته لتحقيق رسالته المتمثلة في توفير برامج تعليمية وبحثية لدعم المهنة، وتوفير الرعاية والاستشارات لجميع الممارسين الرياضيين المحترفين والهواة، وإيجاد بيئة رياضية آمنة تسهم في تعزيز صحة المجتمع السعودي.
وقد يكون الجزء المكمل لهذا التجربة لتظهر في شكلها الاحترافي بإصدار تقرير سنوي للمسؤولية الاجتماعية وفق المعايير العالمية المعتمدة في هذا المجال بنسخة إلكترونية، لتمكّن أصحاب المصالح من الاطلاع على المعلومات التفصيلية فضلاً عن فرصة التحليل والقياس بالنسبة للمتخصصين.
هذا النموذج المميز لاتحاد رياضي ـ من خارج الألعاب ذات الشعبية، امتلك ذات الميزانية للاتحادات الأخرى، ولكنه تفوّق في توظيف إمكانياته وموارده وشراكاته بما يحقق له رؤيته في المسؤولية الاجتماعية بعيداً عن الصورة النمطية السائدة، لابد وأن يحظى بتشجيع معنوي للاستمرار في التفوق. وليس هناك أفضل من تجربته للاسترشاد بها على مستوى الاتحادات الرياضية نقلاً للخبرات المحلية وإثراءً للممارسات الناجحة، وحتى لا نكون حقلاً لتجارب أجنبية مستوردة لن تحقق في نهايتها أي أثر.