2016-03-31 | 03:14 مقالات

دلال الدوسري ـ كابوس العمل الرياضي

مشاركة الخبر      


أستغرب من فهم بعض المؤسسات الرياضية لممارسة المسؤولية الاجتماعية، فقد قررت إدارة أحد الأندية السعودية الإعلان شهر نوفمبر الماضي عن صرف (نصف) مستحقات شهر أغسطس وللاعبي الفريق الأول فقط! بينما قام نادٍ آخر بالاتفاق مع لاعبين جدد قبل إنهاء مستحقات لاعبيهم المسجلين!
وهذا ليس بمستغرب إن كان اتحاد القدم نفسه قد تأخر في دفع رواتب موظفيه لمدة 14 شهراً.
لهؤلاء، نوضح أنّ جوهر المسؤولية الاجتماعية هو الالتزام بالحقوق قبل عمل المبادرات الخيّرة، وأنّ إطار تنفيذ المسؤوليات يبدأ من الداخل أي من خلال العاملين الذين يمثّلون أهم جزء من مجتمع المنظمة، وأنّ الإخلال بحقهم في صرف الأجور بشكلٍ منتظم سيجبرهم على الاقتراض تلبيةً للالتزامات الواجبة عليهم، ما سيدخلهم في دوامة الديون المتراكمة بسبب استمرار تأخر الدفع، ومن ثم ستتأثر علاقاتهم العائلية جراء الإرهاق النفسي المتواصل، وسينعدم تركيزهم في العمل أو داخل الملعب مسبباً تبعات أكبر وأكثر خطورة. وأسترجع هنا حادثة نادي راسينج سانتاندير ـ المنتمي لدوري الدرجة الثالثة الإسباني ـ الذي استبعد من المشاركة في كأس ملك إسبانيا للموسم 2013 ـ 2014 بسبب احتجاجات اللاعبين على عدم دفع مستحقاتهم ورفضهم اللعب خلال مباراة العودة في دور الثمانية للبطولة أمام ريال سوسيداد وهو ما تسبب في إلغاء المباراة، وقد أوقف حينها اتحاد القدم الإسباني النادي لمدة موسم كامل لحلّ مشاكله المالية التي ازدادت سوءاً نظراً للتأثر بوقف بيع التذاكر وحقوق النقل التلفزيوني وانسحاب الراعي.
ما حدث في إسبانيا، حدث ويحدث في الوسط الرياضي المحلي بدرجاتٍ متفاوتة. وتكراره يشكل صورة سلبية تضرّ بسمعة العمل الرياضي، وتهدد استمرار عمل المبدعين فيه بل ولا تشجّع على الانخراط فيه. والأكثر سلبية أن تتفاخر هذه المؤسسات بالتزامها بالمسؤولية الاجتماعية في ظلّ عدم احترامها للمبادئ الأساسية المتفق عليها دولياً، ولا حتى قوانين العمل المعمول بها في المملكة.
ولهذا، يتوجّب على الجهات التشريعية الرياضية مراجعة القوانين وتحديث الأنظمة فيما يخصّ كفالة الحقوق المادية للعاملين. ولعلّ الخطوة الأولى تكون في تطبيق المادة 90 من نظام العمل والعمّال الصادر من وزارة العمل السعودي والذي ينص على أن تدفع الأجور في مواعيد استحقاقها دون تجاوز، وإضافة (كاملة دون تجزيء أو مماطلة أو توسّل) كخصوصية لطبيعة العمل الرياضي، فاستلام المستحقات أصبح كابوساً يؤرق العاملين كل شهر.