2017-11-10 | 04:07 مقالات

أهلين وسهلين بالعوائل في ملاعبنا

مشاركة الخبر      



ماذا يمنع حقًّا أن أرحب بقرار سماح ولي الأمر بدخول العوائل إلى ملاعب الكرة وبقية ملاعب الألعاب الرياضية، وبالتالي أبدأ أتعايش مع هذا الواقع الجديد بعقلية متفتحة، مرحبًا بهذه الخطوة وبالعوائل الذين سيكونون شركاء في دعم وتشجيع الرياضة، ضمن مجتمع أصبح اليوم بعدما تعلم وتثقف يملك قدرًا كبيرًا من الوعي الاجتماعي الصحيح، قادرًا بعون الله على التكيف بشكل حضاري مع متغيرات هذا العصر، ووطن بات في جميع مكوناته كتلة واحدة.
ـ أكاد أسمع صدى أصوات تقول وتسأل بصوت مرتفع محتجة على هذا الترحيب الذي احتواه وما جاء داخل السطور أو ما بينها ـ يا رجل اتق الله ـ أترضى على ابنتك أو أختك دخول الملاعب والتشجيع حتى لو كان ذلك في حضورك؟ سؤال وجيه.. وأحسب أن كثيرًا منا سمع هذه "النغمة" تتردد، وكأن قائلها وسائلها يريد مني أن أفتح فمي وأقول "ها" اعتقادًا منه أنه سيحرجني جدًّا أو يحرج كل من رحب بالقرار، ومن ثم لا أستطيع الرد عليه لأستسلم له رافعًا الراية البيضاء مؤكدًا صحة كلامه.
ـ حقيقة أتفهم هذا النوع من العقليات وحجم غيرتها على أخواتنا وبناتنا وزوجاتنا، والتي لا تقل عنا أيضًا بأي حال من الأحوال، ولكن الذي لا أستطيع أن أفهمه وأستوعبه هو مجموعة كبيرة من "التناقضات" التي يسلكها هذا العالم من البشر، فلم أجد لهم تفسيرًا مقنعًا، فهذا الذي نراه اليوم محتجًّا معترضًا على دخول العوائل الملاعب هو نفسه الذي سمح ووافق لأفراد عائلته بالذهاب إلى الأسواق والتسوق، وإلى الاستراحات للتنزه، وهو الذي أيضًا كان يرافقهم إلى "الملاهي"، أو يترك للزوجة مهمة اصطحاب أولاده وبناته للذهاب إلى أماكن الترفيه، دون أن يكون معهم وهو في حالة من "الرضا التام"، آمنًا عليهم دون خوف أو ذعر من أكل الذئاب لهم، وهم بأنفسهم موجودون في الملاعب، فما الفرق إذن بين كل هذه المراحل، والحالة التي اعتقد صاحبها أنه صفعني في وجهي، حينما قال.. اتق الله يا رجل.. هل ترضى على ابنتك وأختك أن تدخلا الملاعب وتمارسا التشجيع حتى لو كنت معهما؟
ـ مراحل عاشها مجتمعنا السعودي، ومرت على أجيال مختلفة كان يرفض المذياع وتعليم المرأة والتلفاز وابتعاث الفتاة للخارج، حتى لو كان معها محرم، وتواجد الأسر والعوائل في المنتزهات والملاهي، ودخول "الدشات" المنازل، إلا أن قيادتنا الرشيدة كانت تتعامل مع كل مرحلة وحالة بـ "حكمة" بالغة جدًّا، مدركة أن هذا المجتمع يحتاج إلى وقت مع كل مرحلة لكي ينمو فكره ويتطور مع معطيات حياة هو جزء منها، وتركيبة مجتمع لا يستطع الانفصال عنه، وعن واقع جديد يفرض التغيير دون المساس بـ "الجوهر" المبني على عقيدة سمحاء شريعته الكتاب والسنة.
ـ كل تلك "الممنوعات" أصبحت اليوم شيئًا مألوفًا عند كل أبناء المجتمع، فأصبحوا مرحبين بها مشجعين لممارستها وداعمين لها، وباتت عند الرجوع إليها كنوع من الذكريات القديمة قصصًا من النوادر التي يضحك لها القلب عندما نستذكر أحداثها وتفاصيلها، وأحسب أن السماح للمرأة بالقيادة ودخول العوائل الملاعب، ولا أستبعد السينما قريبًا ستصبح بعد عقد أو عقدين من الزمن من الذكريات والنوادر المضحكة، وسيبقى مجتمعنا خلف قيادته الرشيدة لن يخرج عن الثوابت التي تربى ونشأ عليها، بما فيها من مبادئ وقيم محافظًا على دينه ومكتسبات نمت فيه الفكر والوعي بسلاح العلم الذي هو أساس بناء الإنسان.
ـ خلاصة القول.. مرحبًا وسهلًا بالعوائل في ملاعبنا، دون أي عوائق تحول دون وجودها في مكان مريح آمن، والله المستعان.