عادل عزت.. و"أخلاقيات" الكبار
توقفت طويلاً أمام ذلك المشهد "التراجيدي" الذي هز مشاعري، وأنا أرى الرئيس السابق للاتحاد السعودي لكرة القدم أحمد عيد، يزهو فرحًا في أرضية ملعب الجوهرة، بعد فوز منتخبنا الوطني على المنتخب الياباني مباشرة وتأهله إلى نهائيات بطولة كأس العالم، التي ستقام العام في روسيا، حيث كان "أبو رضا" في قمة "السعادة"، وهو يرقص ويقبل كل من يراه من اللاعبين والإداريين، مقدمًا لهم التهنئة بهذا الإنجاز الضخم والمهم، متناسيًا ومتجاهلاً السن الذي فيه، فالفرحة التي كان عليها أعادته إلى سن الشباب، وما عجز عن تحقيقه وهو لاعب في صفوف "الأخضرين" تحقق له كعنصر "مشارك"، كان له دور كبير في هذا "التأهل"، مثله مثل الرئيس الحالي للاتحاد السعودي لكرة القدم د.عادل عزت وبقية أعضاء الاتحاد السعودي لكرة القدم الحاليين والسابقين، وكذلك الإداريين واللاعبين والجهاز الفني والجمهور السعودي، وتحديدًا الذي كان حاضرًا في ملعب الجوهرة ومساندًا له بقوة، وفِي مقدمتهم يأتي المدرب "مارفيك".
ـ لم يكن هذا المشهد بعينه مؤثرًا فحسب، إنما الصورة الرائعة التي حرص عادل عزت على أن تظهر في يوم من أيّام الوطن الخالدة، من خلال التفاف يشمل كل من صنعوا وساهموا في بلوغ هذا الإنجاز، على مدى مراحل مختلفة، وكانت لهم أياد بيضاء تستحق أن تشارك الوطن فرحته الغامرة، متخليًا عن "الأنا" وفوقية تجعله يهتم بذاته فقط، موجهًا عن طريق ما يتمتع به من"سلطة" منع الرئيس السابق لاتحاد القدم وغيره حضور ووجود في هذه المناسبة التاريخية، "متصدرًا" وحده المشهد لا يريد من "عيد" مشاركته فيه، إنما قدم عزت صورة "نموذجية" لإنكار الذات وأخلاقيات "الكبار"، التي أرى أنها واحدة من عوامل "النجاح"؛ فحسن النوايا دون أدنى شك لعب دورًا مهمًّا فيما تحقق لمنتخبنا الوطني ولهذا الاتحاد في فترة قصيرة، منذ انتخاب عادل عزت رئيسًا له، وكما يقول المثل "النية مطية".
ـ لمحة أخرى راقية وجميلة جدًّا، شاهدناها وتابعناها مليًّا بقلوبنا قبل عيوننا، نالت إعجابنا، وذلك في حديث فضائي لعادل عزت عبر برنامج "كورة"، وهو أيضًا يعتلي بشموخ الكبار في مقام وسلم "الكبار"، حيث وصف علاقته بـ"أحمد عيد" بعلاقة الابن بأبيه، قمة في الأدب وفِي الأخلاق العالية، قدمها "أبو محمد" في ذلك المساء شدت ولفتت الأنظار إليه وإليها، ذلك أنها تعبر عن لمسة من لمسات "الوفاء" التي ينبغي علينا كإعلام رياضي متابع ومهتم ألا تمر مرور الكرام، إنما نثني عليها ونحتفي بها كصورة "حضارية" مشرفة جدًّا لمجتمع سعودي، هذه هي فعلاً أخلاقياته.
ـ كما أعجبني "عادل عزت"، وهو في مظهر من مظاهر "الفرح" ولحظات تفرض عليه الاهتمام فقط بمظهره الإعلامي، وخطاب يسمح له بالحديث عن نفسه وعن الإنجاز الذي تحقق للوطن وللكرة السعودية، فذاكرته لم يغب عنها مشاعر" اللاعبين الغاضبة والساخنة من مقدم برنامج "أكشن يا دوري"، حينما استثمر فرصة الفرح وتلك المداخلة ليوجه له "انتقادًا" مغلفًا بلغة "عتاب" على آراء قاسية قالها عقب هزيمة منتخبنا أمام الإمارات، لاقت استهجان واستنكار اللاعبين، على اعتبار أن زميلنا وليد الفراج لم يكن "موفقًا" في نقد تجاوز النقد الهادف و"الخطوط الحمراء"، إذ طلب منه تقديم "الاعتذار" على زلات لسانه، محسنًا الظن به وأنها لم تكن مقصودة للإساءة، إنما حماسه "الزائد" والهزيمة أفقداه القدرة على تمالك أعصابه، وأحسب أنها لفتة رائعة من قائد "شهم"، سوف يكون لها وقعها "الإيجابي" عند إخوانه وأبنائه اللاعبين؛ فالدفاع عن حقوقهم "الأدبية" لا يقل مفعول تأثيره النفسي عن الدفاع عن حقوقهم المادية، بل "أكثر"، وهي خطوة سوف تضيف "تلاحمًا" وانسجامًا قويين بين منظومة واحدة، سنرى في "روسيا" بحول الله وتوفيقه حجم تأثيرها، ونجاحات أخرى نفرح ونسعد بها.
ـ كلمة أخيرة.. وأنا أسطر هذه "الانطباعات الشخصية" عن رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم الدكتور عادل عزت، لا بد لي من كلمة حق يجب أن أقولها، إن وطننا الغالي في كل مواقعه ومجالاته كم هو في حاجة إلى مثل هذه النوعية من "القيادات" الوفية الصادقة المدركة تمامًا قيمة "الوفاء" ومعنى الإحساس بالآخرين، شكرًا ألف شكر عادل عزت، ابنًا وأبًا بارًّا بهذا الوطن، وألف ألف مبروك هذا الإنجاز الذي تحقق في عهدك.