الاستثمار الأمثل للإجازة الصيفية
أصبح موسم الإجازة الصيفية موسماً تنتظره الأسر والطلاب والموظفون وأفراد المجتمع على حد سواء، والبعض ينتظره بالفرح والسعادة بعد عناء عام دراسي مليء بالارتباط والتفكير والجد والاجتهاد والتركيز، والبعض يتمنون عدم وجود الإجازة بل استمرار الدراسة طوال العام لعدم وجود تخطيط سليم لديهم لاستثمار الإجازة الاستثمار الأمثل الذي يعود على الفرد بالنفع والمصلحة العامة، فضلا عن أن الإجازة تعود الأبناء على كثرة النوم والكسل، كما أننا ولاراد لقضاء الله وقدره نفقد في الإجازة العديد من الأحبة والأبناء وبالذات الشباب لكثرة التفحيط والتجوال في الشوارع بدون مسببات وأهداف، وفي ظل وجود فراغ كبير لدى الأسر طوال فترة الصيف فإنها أصبحت ظاهرة تدخل ضمن نسيج النظم الاجتماعية، فالتخطيط للاستفادة من وقت الإجازة مظهر وسلوك حضاري يمكن التعرف منه على حضارة المجتمعات من خلال معرفة الوسائل والمناشط والأماكن التي تستخدمها في مواجهة هذه الإجازة. وتدل على مدى توافق الفرد مع بيئته ومع الرأي العام السائد في مجتمعه وتساعد على تنمية شخصية الفرد من خلال التفاعل في مختلف أوجه مناشط الحياة وفي الواقع يقع على المؤسسات الحكومية مصدر رئيس للإسهام بدور إيجابي في تحقيق الخدمة المجتمعية الهامة لاستثمار الوقت فيما يفيد من خلال توفير فرص لقضاء أوقات ممتعة ومفيدة وإشراك المواطن في المناشط التي تقام وفق رغباتهم واحتياجاتهم، وتقع على التعليم العالي مسؤولية كبيرة، حيث تعتمد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مراكز وأندية صيفية في مختلف مناطق المملكة للطلاب والشباب وبالذات لطلاب الجامعة والمعاهد العلمية ومن في سنهم، وتؤكد وزارة التربية والتعليم على برامج تربوية نوعية وأنشطة بناءة وهادفة وتسهم بقدر كبير في زيادة الخبرة للطلاب مما يساعدهم على مزاولة النشاط في بيئتهم من خلال افتتاح أندية ومراكز مسائية في المدارس بمختلف مناطق المملكة، وتقدم الرئاسة العامة لرعاية الشباب مدنها الرياضية والملاعب المختلفة إسهاما حيويا في هذا الجانب بفتح المدن الرياضية والساحات الرياضية والأندية الرياضية للمواطنين، وكذلك الحال البلديات وأمانات المدن التي وفرت الساحات الشعبية والملاعب المكشوفة في الأحياء ومسارات للمشي من أجل اللياقة البدنية والصحة، وباقي المؤسسات كأرامكو وغيرها من القطاعات الحيوية. والسؤال المهم هو كيفية استثمار هذه الإجازة؟ ويتم ذلك من خلال التخطيط السليم للعائلة بالتنسيق بين أفرادها، ففي حالة عدم السفر خارج إطار المدينة التي يسكنها يتم استثمار ما هو موجود في المدينة من منتزهات وملاهي وصالات وملاعب وساحات شعبية ومنتزهات واستراحات، ومن يستطع السفر فالمملكة تزخر ولله الحمد بمدن عامرة بالأجواء الجميلة كمنطقة عسير، أبها والباحة والنماص وغيرها أو محافظة الطائف، ويؤكد زميلي الدكتور أحمد الزهراني فيما أسماه بعجلة الحياة على استثمار جوانب خمسة خلال الإجازة الصيفية لعل من أهمها الجانب الأسري من خلال تصحيح العلاقة مع جميع أفراد الأسرة وطريقة التعامل مع الوالدين بالقرب منهم، واكتشاف الطفل في والديك، والزيارات والتواصل العائلي، والجانب الديني بحفظ آيات من القران الكريم وبعض الأحاديث الشريفة وأداء النوافل والدعوة إلى الله وأداء عمرة وتفطير صائم والاعتكاف. والجانب الاجتماعي زيارة مريض والابتسامة والتعود عليها وصلة الرحم والانخراط في العمل التطوعي ومخيمات الشباب، والجانب العقلي قراءة مثلا من 1-5 كتب والدخول في دورات تدريبية والملتقيات العملية واللغات والبرمجة، والجانب الوظيفي التعلم الذاتي والتوجيه المهني وتطوير الذات واكتساب مهارات وحضور مؤتمرات وندوات والتحضير للعام الجديد، أما الجانب الجسدي كالاشتراك في ناد أو مركز رياضي والتدريب على رياضة كالدفاع عن النفس والمشي ومعالجة المشاكل الصحية كالأسنان وإجراء التحاليل الطبية، ومهم أن يخصص كل أب وقتاً للجلوس مع عائلته والفسحة معهم وإن تيسر السفر مع العائلة في رحلة داخلية أو خارجية حسب إمكاناته وقدراته، فالأبناء يودون من والدهم الجلوس معهم والاستماع إليهم، وحري بالمؤسسات أن تبتعد عن البرامج الروتينية المملة التقليدية والتي حقيقة تطغى على أغلب تلك المراكز والأندية وتنفر الشباب، وأن تكون البرامج نوعية وإبداعية، ويسهم المشاركون في وضع تلك البرامج والأنشطة المناسبة لهم والتي تحقق أهدافهم واحتياجاتهم، وأن تقوم الأمانات بتكليف مشرفين رياضيين مختصين لإدارة برامج الساحات الشعبية الرياضية.. لأن تركها بهذه العشوائية يفقدها قيمتها ولايعطي الثقة للمشارك، وعلى وزارة التربية والتعليم فتح مدارس أكثر لتكون قريبة وفي كل حي، وعلى رعاية الشباب أن تبتعد عن (لدينا) برامج إلى تنفيذها والإعلان عنها، والضغط على الأندية بتخصيص أوقات حرة للمواطن لدخول النادي والاستفادة منه، وعلى هيئة السياحة والآثار إعداد أدلة وبرامج للأنشطة المتعددة لتكون في متناول الجميع وتنظيم زيارات مجانية أو مدعومة لأماكن السياحة لدينا وما أكثرها.. والله الموفق.