حقاً: من يدير رياضتنا؟
إنَّ التفكيرَ بالمستقبل الرياضي بحق أصبح مسألة ضروريَّة جدّاً وخصوصاً أنَّ المدى الذي يقاس به المستقبل في الوقت المعاصر قصير، قصير بفعل التغيُّرات الجذريَّة السريعة في عالم التكنولوجيا والاتِّصالات وثورة المعلومات والعولمة الثقافيَّة والاقتصاديَّة والمهنيَّة والخطط والإستراتيجيَّات وما يلحقها من متغيِّرات أخرى، ولهذا فإنَّ المتابعة السريعة لما يحدث من تطور نوعي للرياضة في العالم جعل التنافس الرياضي بين دول العالم مقياس لرقيها وتقدمها فالتفكير بالمستقبل ليس مجرَّدَ قرار أو امتلاكَ ملاعب أو مال فقط كما يظنُّه أولئك الذين لم يشغل المستقبلُ تفكيرَهم، إنَّه مزيج من عناصر عديدة يوصى بالأخذ بها بعناية، ويمكن أن تدرج في عنصرين مهمِّين يفترض أخذهما بالحسبان للعمل على تطوير إدارة فاعلة هما: 1) العنصر البشري، 2) التكنولوجيا وإنَّ مجرَّد التفكير بالمستقبل يعدُّ الاستعداد الأولي لانطلاقة الخطوة الأولى حيث الوقوف بين الواقع التقليديِّ والمستقبل المطلوب، خطوة أولى تعقبها خطوات تكوِّن حركة التغيير التي تتطلب تحوُّلاً كبيراً يتناسب حجمُه وعمقه مع طول فترة الوقوف مع ذلك الواقع التقليديِّ، ويكاد المنشغلون المشتغلون بالهمِّ والشأن الرياضي يجمعون ويجزمون بأنَّ الرياضة في مملكتنا الغالية تدار بطرق تقليدية تعطلت معه الرياضة واختفت المواهب وأبعدت الكفاءات الرياضية القيادية المتخصصة وحل محلهم غير المتخصص ولهذا واجهت الرياضة تدنياً بل انحدارا مخيفاً قد تعاني منه سنوات بما فيها الرياضة المدرسية ولعل نجاح كثير من المؤسسات الرياضية ارتبط في كثير من دول العالم المتقدمة بوجود القائد الفاعل المتخصص واختياره عناصر إدارية وفنية متخصصة ويستمد مصادر قوته من السلطة النظامية، والقوة المالية، والقوة العلمية والقوة الشخصية والسيطرة على النفس ودماثة الخلق التي تقوده إلى التأثير فيمن حوله وحفزهم على تقديم أقصى ما لديهم من طاقة تؤدي إلى نجاح العمل.بحيث يقودها عبر رؤية واضحة جلية لواقع مؤسسته الرياضية واستشراف مستقبلها وفي الميدان الرياضي بدءاً من أنديتنا فإن العديد من رؤساء الأندية لا يملك رؤية ولا دراية بأمور النادي فأصبح مجلس الإدارة عبارة عن مجموعة أصدقاء وزملاء ويفكرون في مصالحهم الشخصية الوقتية وحتى أكون منصفاً فقد أستثني النادي الأهلي من ذلك لوجود الأمير خالد العبد الله وقس على ذلك الاتحادات الرياضية فمع احترامي لأغلب رؤساء الاتحادات لا يملكون القيادة الجيدة لإدارة مجالسهم ولجانهم المختلفة لقلة خبرتهم وعدم معرفتهم بأمور رياضتهم وبإمكان أي متابع منصف يشاهد أعضاء الأندية أو الاتحادات الرياضية، فالمتخصصون محاربون بل مبعدون فمن يدير الرياضة في الوقت الحالي هم من غير أصحاب الاختصاص، وإن أردنا أن نضرب مثلا لتأثير القائد المتخصص فأشير إلى مثالين وفي كرة القدم فبعد ذهاب سامي الجابر عن الهلال إلى فرنسا تدنى مستوى كرة القدم بالهلال لعدم وجود القائد المثالي المتخصص بالنادي، فقد كان يتحلى بالصبر ويتقبل النقد ويهتم بالاتصالات المباشرة وغير المباشرة، ويتحمل المسؤولية ولا يلقيها على الغير، وكذلك نشاهد التقدم المذهل في إدارة كرة القدم بالنادي الأهلي بوجود طارق كيال الرياضي المتخصص وكيف حدث الفرق منذ أن تسلم مهام إدارة الكرة حيث لم يجامل في عمله من أجل مصلحة الفريق عندما استبعد في الوقت المناسب اثنين يعدان من أفضل عناصر الفريق إبراهيم هزازي وعبد ربه وكيف تحسن حال الفريق واتزانه، وفي ظل هذا الحراك الرياضي من الأمور الحتميَّة في هذا الوقت السريع تبنى سياسات واضحة للرياضة السعودية؛ بل هي تكون دافعا مباشرا لمشروع وطني لتخطيط إستراتيجي على أعلى مستوى لا يكون للعبة واحدة كما هو جار الآن لكرة القدم بل لجميع الألعاب الرياضية المختلفة حتى نستطيع أن نردم الفجوة أينما وجدت، والبحث عن القيادات الرياضية المتخصصة والمستشارين ذوي الخبرة لا ذوي العلاقة والقرابة وما أكثرهم وترشيحهم للعمل بالاتحادات الرياضية والأندية واللجان وتحكيم العقل لا العاطفة عند اتخاذ مثل هذا القرار.. والله الموفق.