القصة من الداخل
ـ ليس بيني وبين مدرب المنتخب الوطني الأول لكرة القدم الهولندي فرانك ريكارد أي موقف سلبي على المستوى الشخصي أو العام، لكن لعل في انتقال الصديق محمد المسحل إلى أمانة اللجنة الأولمبية السعودية مؤخراً ما يتيح لي فرصة الحديث بشكل لا يغضب الصديق محمد المسحل.. الذي أحرص أن تكون علاقتي به على كافة المستويات مبنية على أساس من الاحترام والتقدير المتبادل. ـ أتحدث مباشرة وبشكل واضح ليس عن مستقبل ريكارد مع المنتخب، بل أتحدث عن مستقبل المنتخب السعودي الأول مع ريكارد. ـ وفي هذا الطرح أود أن أتحدث عن (القصة من الداخل)، متمنيا أن لا يكون رأيي محبطاً، فأنا كمتابع لست متشائما لكنني في المقابل غير متفائل بالفكر والعقلية والمنهجية والأسلوب الذي يدير به ريكارد عمله التدريبي مع المنتخب الأول، هذا العمل الذي لم يستطع ريكارد أن يقدم من خلاله ما يقابل قيمة وحجم وضخامة عقده (الفلكي) الذي يبلغ 13.592.750 دولار لمدة 3 سنوات مضى منها ما يقارب 14 شهراً. ـ وربما تكون قيادة ريكارد للمنتخب الأول في دورة كأس الخليج القادمة في مملكة البحرين 4 يناير المقبل (المحطة الأخيرة) للمدرب ريكارد إذا لم يحقق مع المنتخب كأس البطولة.. وهو الحد الأدنى الذي من الممكن أن تتيحه له هذه البطولة بفرصة الاستمرار مع المنتخب خلال التصفيات الآسيوية لكأس أمم آسيا، وبالتالي فإن حالة (فك الارتباط) بين الاتحاد السعودي لكرة القدم والمدرب ريكارد هي (بصراحة) دورة الخليج في البحرين التي أشعر واقرأ وأتوقع في نفس الوقت صعوبة وصول المنتخب للمراحل النهائية من كأس الخليج، لوجود منافسين أقوياء في هذه المجموعة (الكويت والعراق) وربما (اليمن) التي قد تحقق (المفاجأة) وبالتالي تزداد وتضيق فرص (التأهل) صعوبة وتعقيداً وإحباطاً. ـ أما لماذا هذه الرؤية المحبطة، فإنني بصراحة استمدها من عدم رغبة ريكارد بالاستمرار مع المنتخب السعودي.. لكنه لا يستطيع (فك الارتباط) من جانبه لضخامة الشرط الجزائي في بنود العقد، وبالتالي ينتظر ريكارد (فك الارتباط) من جانب الاتحاد السعودي، فالرجل غير مهتم وغير راغب في الاستمرار وغير متحمس، ورمى بثقل العمل على مساعديه، إلى جانب أنه يتعاطى العمل التدريبي مع المنتخب السعودي بعقلية ريكارد النجم الهولندي الشهير وليس بعقلية وروح وفكر ريكارد المدرب المحترف. ـ وإذا كان (البعض) يرى أن المدرب ريكارد جزءا من المشكلة، لماذا لا يكون ريكارد في المقابل جزءا من الحل؟ ـ ريكارد لايزال يعيش هاجس ريكارد اللاعب الدولي الشهير، يريد أن يسوّق نفسه كمدرب من خلال نجوميته كلاعب، وبالتالي يرى ويلاحظ أي متابع أن ريكارد اكتفى بنجوميته كلاعب نجماً مشهوراً وليس لديه أي طموحات أن يكون نجماً كمدرب توازي نجوميته كلاعب، ومثل هذه النظرة الضيقة لن يكون المتضرر منها ريكارد، بل المتضرر الأول منها هو المنتخب السعودي دون أن ترى جماهير الكرة السعودية أية بارقة أمل أو أية إضافة فنية للمنتخب السعودي تحسن من موقع وترتيب المنتخب السعودي، والأكثر أهمية ليس أمام اتحاد كرة القدم السعودي أي خيار متاح لطرح بديل للمدرب ريكارد في حال إخفاقه في دورة الخليج سوى البحث عن أحد مدربي الأندية المحلية في دوري زين، بعد أن فشل ريكارد في كسب ثقة اللاعبين والإعلام الرياضي وجماهير الكرة السعودية، وفشل ريكارد في إقناع الوسط الرياضي بأنه ريكارد المدرب وليس ريكارد اللاعب الدولي الشهير. ـ حتى على مستوى الأحاديث والتصريحات والمؤتمرات الصحفية، لم يكن ريكارد (مقنعاً) وهو الذي قال: (إن المواجهة التي جمعت الأخضر السعودي بنظيره الكنغولي كان ينقصها الانسجام بين عناصر الأخضر)، بالله عليك يا ريكارد احترم عقولنا.. ومن وين يجي الانسجام؟ أنت خليت فيها انسجام، وأنت تقود (باص مناحي) وليس باص منتخب وصل لكأس العالم 4 مرات وكأس أمم آسيا 3 مرات. ـ من أين يأتي (الانسجام) يا ريكارد وأنت الذي استدعيت أكثر من 70 لاعبا خلال 14 شهراً، وأنت الذي أوصلتنا إلى المرتبة 117، فمثل هذه الأرقام تعمق مشاعر وانطباعات الإحباط واليأس، وتوجد لدى جماهير الكرة السعودية والوسط الرياضي والإعلام الرياضي شيء من فقدان الثقة.. ليس في المنتخب فقط بل في من يقود المنتخب، إذا كان في مثل تفكير مدرب يقفز إلى المستقبل والهروب من الأسئلة المحرجة، ويتحدث (تخيلوا) عن المستقبل وهو ليس أصلا مسؤولاً عن ذلك المستقبل. ـ ريكارد مسؤول عن الحاضر وليس مسؤولا عن المستقبل، وحتى لا تتسع دائرة الإحباط والاحتقان داخل الوسط الرياضي، وحتى لا تضعف العلاقة بين المنتخب الأول والجماهير الرياضية والإعلام الرياضي، لابد من توقع كل الاحتمالات حول مستقبل المنتخب، واتخاذ كافة التدابير الوقائية لما هو متوقع للمنتخب مع ريكارد.. الذي عليه أن يتفهم جيداً أن النجومية والشهرة كلاعب دولي لا تكفي ليكون مدرباً ناجحاً. ـ فريكارد كما قال زميلي المدرب الوطني سمير هلال هو الذي يضع نفسه بصراحة أمام العشرات من علامات الاستفهام والتعجب. ـ على المدرب ريكارد أن يتخلى عن أسلوب التذاكي والهروب والقفز على الأسئلة التي لا يرغب الإجابة عنها، وبصراحة أكثر فأنا لا أشكك في مصداقية الصديق محمد المسحل حين يقول: إن ريكارد (يحظى بثقة كبيرة، لاحظوا كبيرة من قبل المسؤولين)، لكنني أشك في أن يتحدث أي مسؤول بقناعاته الحقيقية التي يؤمن بها، لكنها القناعات التي تفرضها طبيعة الموقع الذي هو فيه. ـ أستغرب أيضاً تبرير الصديق محمد المسحل حول الترتيب والتصنيف المتأخر للكرة السعودية حين يقول أبوحسين: إن التصنيف ليس مسؤولية المدرب، مسؤولية مين إذن يا أبوحسين؟ مسؤولية (فيروز) مثلا سائق الحافلة؟ ـ خصوصاً والمدرب ريكارد وجد كل مظاهر الدلال والاحتفاء والراحة و(الدلع)، وعقداً فلكياً لا أحد يعرف تفاصيله وبنوده، وسفريات بالكوم وإجازات. ـ خلاصة القول أتوقع بأن ريكارد قد تكون دورة الخليج بالنسبة له آخر عهد له مع المنتخب السعودي.. الذي قد يدخل تصفيات الأمم الآسيوية مع مدرب آخر، قد يكون أحد المدربين في دوري زين السعودي للمحترفين.