إلى رحمة الله أميرنا سطام
رحم الله الأمير سطام بن عبدالعزيز فقد كان شخصية رائعة خدمت دينها ووطنها بكل إخلاص وأمانة، وكان خير محب لمواطني المملكة العربية السعودية والمقيمين فيها بحسن تعامله وإيجابيته وتواضعه ولطف معشره. ولهذا جاءت وفاته حدثاً مهماً في المملكة لحب الناس له وتقديرهم لإنجازاته وعطائه وإخلاصه. والأمير سطام (رحمه الله) مشهود بمواقفه وحسن إدارته وحبه للخير، وظل خير سند لأخيه سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز (حفظه الله)، وأشرف وتابع أعمال البر والإحسان مثل أنشطة المعاقين والأيتام والمعسرين من السجناء وغيرهم وجمعيات البر وغيرها.وفي الأحداث الكبرى مثل وفاة شخصية كالأمير سطام سيتحدث الكثيرون عن مواقف هذا الرجل وحلمه وحكمته وبعد نظره، وهنا أسجل تجربتي مع عدة مواقف مع سموه أهمها موقف حدث مع بداية حياتي العملية شاباً حديث التخرج من الجامعة وأعتقد أن ذلك كان في عام 1403. والذي حدث أنني كنت أعمل في الصحافة عبر صحيفة (الرياض) الغراء كمتعاون وأكتب مقالات ضمن زاوية (أوراق محرر) أو في الصفحات المتخصصة في الثقافة والفن. فكتبت مقالاً حاداً كحدة الشباب وتهورهم واندفاعهم واستقلالية شخصيتهم عن مسلسل رمضاني يقوم ببطولته يحيى الفخراني بعنوان (صيام صيام) هاجمت فيه المسلسل بقوة وكونه يجاهر فيه الممثل بالإفطار في نهار رمضان رغم أن الهدف هو تبسيط الصيام وحث الناس عليه. وأبلغت من الصحيفة لمراجعة الإمارة وبالذات الوكيل المساعد للشؤون الأمنية الأستاذ محمد العتيبي .وهنا كان الموقف مربكاً ومخيفاً بالنسبة لي وذهبت وأنا في حالة من الخوف والقلق من هذا الاستدعاء .وبعد مقابلتي للأستاذ العتيبي أخذني لمكتب الأمير سطام وكان الموقف لا ينسى بين أمير جليل من الأسرة المالكة وبين شاب غر متسرع صغير السن. وما أن دخلت على سموه حتى بادرني بابتسامته المعهودة التي هونت علي الكثير وبدأ يتحدث معي بأبوة وطيبة ويريد معرفة هدفي من المقال وأن استفسارات وردت عن ذلك .وأذكر أن سموه طمنني وشجعني على الحديث وكنت حينها مندفعاً للنقد الحاد وسمح لي بمناقشة سموه ثم ذكر لي بمعرفته بوالدي (رحمه الله) وبما مر البلد من تطور وتقدم وذكر لي أن في الرياض قبل عدة سنوات محطة كهرباء محدودة وتعمل لساعات فقط ثم انظر ما نحن به الآن من تطور ونهضة في الرياض وحثني على التفاؤل ورؤية الإيجابيات .وقال إنه ذهب ودرس في أمريكا وأنه يقترح علي إكمال الدراسة كوني ابن لهذا البلد ويتابع مقالاتي ويرى فيني علامات إيجابية لخدمة وطني أسوة بالكثيرن من الخريجين المتوقع حاجة الوطن منهم مستقبلا. خرجت من مكتب سموه شخصاً آخر له نظرة إيجابية متطلعا لإكمال الدراسة في أمريكا مثل ما نصحني به سموه، حيث كان حديث سموه هادئاً حنوناً مقنعاً لا شراسة أو عصبية أو حدة، بل كان له أبلغ الأثر على نفسي وكان أول مرة أتشرف بمقابلة أحد أبناء الملك المؤسس ومن بعدها عاهدت نفسي على تعميق الولاء والإخلاص لهذا الوطن إذا كان هناك أمثال هذا الأمير النبيل من هو في سدة المسوؤلية رغم ضعف الصورة المنقولة لنا كمواطنين عن الأمراء آنذاك . واستمر هذا التأثير الكبير على شخصيتي من سموه وظلت العلاقة مستمرة أزوره وأتشرف بالسلام عليه وأقابله في المناسبات التي يرعاها سموه وأقدم له مؤلفاتي وأتابع جهوده وعطاءه .وكان يلقاني مثل غيري هاشاً باشاً مبتسماً ودوداً وكان آخر لقاء به عندما رعى سموه حفل تخرج طلبة مدارس المملكة وفيه كرم ابني صالح بمناسبة حصوله على المركز الأول في الثانوية العامة لتخصصه وأعلى طالب في القدرات فقال عندما سلمت عليه بعد الحفل (كرمت ولدك واسمه مثل جده). فها هو قد سبق له أن شرفني بنصحه وتوجيهاته وهاهو كذلك مع بقية أبناء الشعب. أما إنجازاته الإدارية فلن ينسى الشباب إنصافه لهم وثقته بهم بالسماح لهم بدخول الأسواق وكانوا عند حسن الظن وصار الأمر طبيعياً وكذلك منعه دخول الشاحنات في النهار مما خفف الضغط على المدينة وغير ذلك من القرارات الإيجابية التي تشهد لهذا الرجل بالتميز والعمل والجدية وبعد النظر والوعي بمتطلبات الناس واحتياجاتهم الاجتماعية والحضارية. رحم الله الأمير سطام بن عبدالعزيز وأسكنه فسيح جناته و(إنا لله وإنا إليه راجعون)، والخلف في أبنائه وبناته وعلى رأسهم الأمير النبيل المثقف الدكتور عبدالعزيز بن سطام بن عبدالعزيز.