كن كريما يابني
قابلت في حياتي الكثيرين وتعاملت في سفر وحضر مع المئات الذين من خلال المواقف تستطيع أن تحكم على نظرتهم للأمور وثقتهم بأنفسهم وحبهم للآخرين فوجدت الكريم النبيل الشهم ووجدت البخيل القمئ الجشع .ولم أجد أروع من صفة الكرم لترتبط بالرجل وتعرفك على معدنه ونبله وحسن معاشرته وقربه من الناس .والطفل يرى ذلك في والده كقدوة واعمامه وأخواله .فيرى البيوت المفتوحة وحب الخير ومساعدة الفقراء والمحتاجين والمساكين ليس بالعطاء وإنما بالاستضافة والسكن مع العائلة كأنهم منهم .ولاشك أن العديد من القراء هنا قد عايشوا قدوات في حياتهم فأعجبوا بهم وترسخ ذلك في حياتهم وحاولوا عندما كبروا محاكاتهم والاقتداء بهم .ولا يمكن هنا أن أتجاهل ذكر والدي رحمه الذي يعرفه سكان الرياض القديمة ممثلة في حي دخنه وشارع عثمان بن عفان حيث كثرة ضيوفه ومناسباته وكانت مهمتنا كأولاده رحمه الله مسك الماء وقوفا إثناء تناول الضيوف الأكل أو (الهف) بالقماش لتلطيف الجو على الضيوف أو منع أي حشرات طائرة من الممكن أن تؤثر على استمتاعهم بالطعام .كما أن المنزل يستضيف رجالا ونساء متقدمين بالسن ومطلوب منا معاملتهم بكل الاحترام والتقدير.وأدرك بأن أمثال والدي رحمه الله كثيرون في زمننا الجميل ولكن الإنسان يكتب عن واقع عايشه وتعامل معه . وقد حث الله سبحانه وتعالى على الإنفاق وإكرام الضيف حيث قال تعالى (والذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون) سورة البقرة .وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) رواه البخاري ومسلم .وحديث للرسول صلى الله عليه وسلم (السخي قريب من الله قريب من الجنه قريب من الناس ,والبخيل بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار) رواه الترمذي .وحذر الإسلام من البخل فقال تعالى (ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء) سورة محمد .وقوله تعالى (والذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله) سورة النساء .إلى غير ذلك من الآثار الكثيرة في موروثنا الديني العظيم .وهنا أقول لإبني وأبنائي الشباب فكروا بغيركم واحمدوا الله على نعمائه وتعودوا الإنفاق والعطاء مهما قل . أسعدوا البسطاء والفقراء والمحتاجين وتغاضوا عن الباقي عند الدفع بحيث تذهب لعامل في مطعم أو محطة بنزين أو عامل في طريق أو غيرها من المهن البسيطة .وأتذكر كيف يخصص شباب كانوا يسافرون جزء من ميزانيتهم لما يسمى بالإكراميات وتعني مبلغا بسيطا يعطى لعامل المطعم أو سائق الأجرة او عامل نظافة بينما كنت أستغرب من أثرياء جمعني القدر والسفر معهم كيف كانوا ينظرون لمثل ذلك بعين الشح والبخل ويحاول أن يمنعك من ذلك .كن كريما ولا تخشى الفقر فالمال مال الله واجعل ثقتك بالله كبيرة ومن يجود بماله فالله كفيل بزيادته وقد جاء في الحث على الصدقات قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث مسلم (مانقصت صدقة من مال). وأختم بقول الشاعر في البيت المعروف الكثير التداول (ياضيفنا لو زرتنا لوجدتنا . نحن الضيوف وأنت رب المنزل) .