2017-03-26 | 03:11 مقالات

البراشوت لن يوصلنا..!

مشاركة الخبر      

 

بينما أستمر في الركض في مساري التاسع.. أرقب المشهد الرياضي.. أتابع ما يحصل في المسارات الثمانية للمتنافسين.. فإني في ذات الوقت أتطلع إلى أن يصل لاعبي المفضل صاحب القميص الأخضر أولاً.. ولست وحدي من يتطلع لذلك.. ولن أزايد على حب وطن سبقني لحبه الكثيرون.. واستشهد على حدوده رجال فاقوا محبتي له وتضحيتي من أجله.. 

 

ولن أضيف جديداً حين أشير إلى ما لفت انتباهي ـ كغيري ـ، حول ما شهدته الرياضة السعودية خلال أكثر من عام عبر ذلك الحراك السريع.. بكل ما يحمله من برامج متعددة.. وحزمة من المشاريع والإجراءات.. وتابع الجميع ما تقوم به المؤسسات الرياضية من خطوات.. وما أعلنته من أهداف.. تقودها طموحات المسؤولين.. وآمال الملايين من المهتمين والمتابعين للشأن الرياضي الوطني من مختلف شرائح المجتمع..

تفاوتت النظرات تجاه ذلك الحراك وتلك التوجهات.. وتنوعت مشارب المحيطين بالمشهد الرياضي، بين مؤيد وداعم امتلأ بالطموح والثقة.. وبين باحث عن السقوط ومنتظر لأقل الزلات، ليعزز رغبته في تغير تلك القيادات، وتعطيل حركة المؤسسة الرياضية بكافة محركاتها وأجنحتها.. وهناك فريق ثالث.. يقف على الحياد.. لا يتعجل النتائج، ولا يبحث عن الأخطاء.. يترقب المشهد ليقيمه بكل تجرد، بعيداً عن الميل لتلك الجهة أو الاصطياد في المياه العكرة..

 

شخصياً.. لا أخفي تفاؤلي وثقتي الكبيرة في قدرة رجل الرياضة الأول ونظرته البعيدة نحو نقل الرياضة السعودية إلى الموقع الذي تستحقه.. إلا أن العمل في مجمله لا يكفي فيه أن يكون القائد ذا دراية ومعرفة ومجهود وخبرة وطموح.. فالأدوات المتاحة له هي أبرز محددات وعوامل نجاحه بإذن الله.. ولعل أهم وأبرز عوامل الروافد في العمل الإداري أيًّا كان مجاله، هو القدرات والموارد البشرية العاملة في القطاع.. فهي المعين بعد الله في تحويل كل الرؤى والأفكار إلى تطبيقات وممارسات على أرض الواقع.. وهي القادرة على ترجمة السياسات إلى منهج ملموس، يقوِّم دفة السفينة إلى مرسى النجاح.. وهو الأمر الذي يقلق كثيراً ويحمل في طياته تخوفاً بشأن نجاح العمل الرياضي في مجمله أو تعثره وفشله!!.

 

وعطفاً على ذلك.. وبالنظر إلى واقع وحال "بعض" منظمات وقطاعات الرياضة السعودية، فإنه سيلحظ وجود عدد ليس بالقليل من أولئك الواصلين إلى مفاصل العمل الرياضي عن طريق "الباراشوت"، فلا خبرات رياضية سابقة، ولا تخصص علميًّا رياضيًّا يتناسب مع صميم أعمالهم..!.

 

كيف أنتظر نجاحاً لرياضة يمسك بمفاصل قراراتها أشخاص غير مختصين؟! ولا أعني بذلك شخصًا بعينه، بل مجموعة الأفراد الذين أوكلت إليهم مهام العمل.. كيف أراهن على نجاح شخص في المجال الرياضي، وهو الذي لم يسبق له أن مارس الرياضة لاعبًا أو مدربًا أو حكمًا.. ولم يتخصص في دراسته في المجال الرياضي.. بل لم يمارس العمل الرياضي الفني أو الإداري؟!.

 

عملت في المجال الرياضي لما يزيد على ٢٠ عامًا.. ولَم أَجِد أصعب من التعامل مع شخص صاحب قرار رياضي وهو غير مختص أو صاحب تجربة رياضية ثرية!!.

 

أدرك تماماً أن الإدارة علم وفن.. وأدرك أن الكثير من رواد العمل الإداري نجحوا في إدارة منظمات أعمال ضخمة بحجم الوزارات مثلاً، دون أن يكونوا مختصين بمجالات عمل تلك الوزارة.. ولا أصدق على ذلك إلا ترجمة د.غازي القصيبي ـ يرحمه الله ـ في قيادة أكثر من وزارة للنجاح، وغيره من الأكفاء الذين قادوا العديد من منظمات الأعمال إلى النجاح.. لكن ذلك النجاح اقترن بكونه استعان بفرق عمل ولجان وأفراد من المختصين في المجال المعني..

 

والمضحك المخجل، هو أنك حين تناقش وتتحدث مع أولئك الواصلين عبر الباراشوت في أمور تخصصهم ـ البعيدة عن الرياضة ـ، فإنهم وبكل بجاحة سيردون عليك بانتقاص كبير؛ كونك تتحدث عن شأن لست مختصًّا فيه.. يا سلام!!.

 

أجري في مساري.. فأرى وأسمع مشهداً يثير في القلق بشأن وصول لاعبي المفضل ذي القميص الأخضر إلى منصة التتويج خليجيًّا وعربيًّا وآسيويًّا وعالميًّا.. حينها سيكون قد أرهقه عبث المنتفعين من الرياضة.. وشتت ذهنه أولئك المتفلسفون في ميدانه.. وأطاحت بآماله ضربات إزميل أولئك الواصلين للرياضة بالباراشوت!!.

 

أدرك أن كلامي هنا سيكون جارحاً لبعضهم.. وسبباً لتأزم بعضهم الآخر.. وهذا أمر وارد ومتوقع؛ فالحقيقة في كثير من صورها تبدو مزعجة.. لكني أراهن فيما ذكرت على تلك العقليات التي تنظر إلى الجزء المليء من الكوب.. والذين يناقشون ويراجعون ويحللون الفكرة، وليس صاحبها..

 

دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..