"عودة كبير"
في بداية شهر يونيو الجاري أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) قائمة تصنيف المنتخبات الدولية، والصدمة كانت في موقع منتخب البرازيل ووجوده في المركز 22، ووقوعه بين المنتخبين الإفريقيين غانا ومالي، محتلاً بذلك أسوأ مركز له في تاريخه الكروي، ورغم ذلك جاءت استضافة البرازيل لمنافسات كأس القارات الجارية حالياً، لتسهم في إعادة وهج "السامبا" مجدداً، وليكون أول أطراف النهائي الكبير أمام منتخب إسبانيا. هذا التواجد سيقفز بالمنتخب البرازيلي في التصنيف الجديد إلى مراكز متقدمة جداً، نظير انتصاراته، وكذلك مستوياته اللافتة في إشارة واضحة إلى تحقيق البرازيل الاستفادة الكاملة حتى الآن من الاستضافة. المفارقة الجميلة التي يبدو أننا استوعبناها مؤخراً أن استضافة البطولات الكبرى يسهم بشكل أو بآخر في إعادة ترتيب أوراقك الفنية، ويحقق جملة فوائد فنية وخلافها على كافة الأصعدة. ولعل التقدم السعودي الرسمي بطلب استضافة كأس أمم آسيا 2019 ربما يكون البداية الفعلية للدخول في هذا المضمار الذي أهملناه لسنين طويلة، الإهمال الذي تسبب في ترهل حقيقي وفعلي لكافة منتخباتنا وكذلك أنديتنا التي لم ينجح منها أحد. لنعترف أن الإيمان بجدوى استضافة البطولات أمر جيد حتى وإن تأخر لكن من المهم أن يعقبه عمل دؤوب ومختلف لكي يكون ملف الاستضافة مقنعاً وثرياً، وبالتالي تتعزز فرص الفوز بدلاً من الاكتفاء بتقديم ملف هزيل يسيىء لنا بدلاً من أن يفيدنا، ولعل الإستفادة من تجارب دول شقيقة في هذا المضمار بات أمراً هاماً خصوصاً قطر التي بات لديها من الخبرة والتجربة ما يسمح لها بالفوز بتنظيم أية بطولة لأية لعبة كانت. أو بالإمكان أيضاً الاستفادة من التجارب الدولية الرائدة في هذا المجال، عبر عقد شراكات مع جهات ذات علاقة لكي يصل الملف السعودي إلى مرحلة من الجودة والتميز التي يكفل له الفوز بشرف تنظيم البطولة القارية الكبرى التي غاب "الأخضر" عن تحقيقها منذ أكثر 17 عاماً وتحديداً منذ نهائي نسخة الإمارات في 1996. ما يميز السعي للفوز بشرف التنظيم أنه ينعكس إيجاباً على التنمية في البلد بشكل كبير، إذ أن الفوز به سيفتح أبواباً كبيرة للعمل على إنشاء مشاريع مختلفة سواء في قطاع الفنادق أو البنية التحتية وكذلك في وسائل النقل، وسيدفع بنا لتطوير بيئة الملاعب، وبالتالي ستتحقق جملة فوائد على المدى البعيد والقريب، وسيعود نفعها على الوطن بالتأكيد. بقي القول أن القيادة الرياضية مطالبة بالسعي بكل إمكاناتها المتاحة للحصول على تمويل دعم حكومي كبير يسمح بإعداد ملف الاستضافة بشكل لائق بدلاً من تكرار أزمة انتخابات اتحاد القارة التي فشلنا فيها بشكل معيب لدواع مختلفة كان من أسبابها غياب الدعم المالي. إجمالاً المرحلة الحالية لم تعد تسمح بالمزيد من الأخطاء، والمرحلة المقبلة تستوجب وجود عمل نوعي مختلف على كافة الأصعدة لأننا نستحق الأفضل ومن حقنا العودة إلى مرتبة "الأفضل" التي كنا عليها طويلاً قبل أن نتخلى عنها بإرادتنا.