خلك في أدبك
بدأت علاقتي بالقراءة قبل أكثر من أربعة عقود وأعني القراءة الحرة ومثل كثيرين من أبناء جيلي قرأت في مختلف المعارف والعلوم وخاصة الصفحات الأدبية في الصحافة الورقية والثقافية والمقالات لكبار الكتاب وإن كنت أميل كثيرا للرياضة بحكم الهواية أوالقراءات العلمية في مجال الرياضيات والعلوم (الفيزياء) بحكم التخصص الأكاديمي ومازلت على علاقة بالقراءة العامة. هذه مقدمة لابد منها لأصل إلى حقيقة هامة لاحظتها خلال هذه الرحلة أنني لم ألحظ كاتباً أوصحفيا أوإعلاميا رياضياً أو منتمياً لقطاع الرياضة تداخل في نقاش حول قضية أدبية أوثقافية أو فنية وإن كنت أتحفظ على مصطلح الثقافة بحصره كما يرى البعض على التعاطي مع الشأن الأدبي من نثر وشعر وقصة ورواية لأن الثقافة مفهوم شامل وواسع فالرياضة ثقافة والفن كذلك والمسرح والسلوك ..أقول إنني لم ألحظ أياً من هؤلاء كتب وناقش تلك القضايا وهي كثيرة وأثارت جدلا واسعا في المجتمع عموما وليس مجتمع الأدب ومثقفيه كما في موضوع الحداثة قبل أكثر من ثلاثة عقود والشعرالحر والشعرالمنثورأو كما أسماه البعض تهكما (النثر المشعور) وغيرها من القضايا لأن هؤلاء يدركون بعدهم عنها فهماً وموضوعا. نعم هناك رياضيون من صحفيين وإعلاميين وغيرهم اتجهوا إلى الكتابة السياسية أوالأدبية وهجروا الرياضية وهناك إعلاميون رياضيون يتناولون في بعض الأحيان قضايا فكرية وأدبية ويشاركون فيها وهم قلة قليلة لكنهم يملكون أدوات الكتابة الأدبية ومقوماتها بشهادة القائمين عليها وفي مقدمتهم زميلنا تركي الناصرالسديري. أما العكس فحدث ولاحرج. يخسر المنتخب أوتحدث قضية في الشأن الرياضي فيهب كثير من النخبويين والمثقفين والكتاب لمناقشتها وطرح الحلول معتبرين أن لهم حق في ذلك وأنهم يفهمون الرياضة وشؤونها وهم يتعالون عليها في مجالسهم وحواراتهم وينفون متابعتها وفهمهم لها. (بعض) من هؤلاء يعتقد أن الكرة فوزوخسارة وأن الفائز من يسجل أكثر وأن الهدف عندما تهتزالشباك لكنه لايعرف لماذا تعاد ضربة الجزاء بل لماذا تحتسب؟ ولماذا يرفع الحكم يده للأعلى عند تنفيذ بعض الأخطاء ولايرفعها عند أخرى؟ ومن المؤكد أنه لايعرف قانون التسلل ولا مهام الحكم والحكم المساعد وقد لايعرف عدد اللاعبين والتغييرالمسموح به ومع ذلك يتصدى لمناقشة قضاياها. مشكلة هؤلاء أن ثقافتهم في الكرة سماعية والثقافة السماعية ليس شرطا أن يكون مصدرها واقعيا بل إنه على العكس تماما في مجال الكرة إذ تتاح الفرصة لمن يريد تنمية ثقافة معينة ومؤدلجة لدى هؤلاء ومن هنا يصبح تحركهم ونقاشهم أشبه مايكون بـ (ثقافة القطيع) مع تقديري لهم. أمثال هؤلاء لايمكن أن يسهموا في حل المشكلة وطرح الحلول سواء على مستوى المنتخب أوعلى مستوى الأندية أوالقضايا الرياضية العامة وبالتالي ينعكس طرحهم ونقاشهم على الحدث أوالقضية لأنهم في نظرالمتلقي نخبويون ومثقفون ولهم قراؤهم الذين يرون فيهم المثال والقدوة في قيادة الرأي العام وتنويره وهم يضللونه بهذه الطريقة. أثق تماما في نية هؤلاء وأنهم ينشدون الإصلاح لكنهم في الواقع يخطئون من حيث يحسبون أنهم يحسنون صنعاً. وأعرف أن كثيرا منهم يطرح عن فهم وواقعية دون دخول في التفاصيل لكنني أتحدث عن البعض وأقول له كما قال الأميرعبدالرحمن بن سعود ـ رحمه الله ـ للأديب الأستاذ والصديق حمد القاضي عندما اقترح عليه أن يشرك فهودي في إحدى المباريات (خلك في أدبك أصلح لك) وهذه لها قصة أخرى. والله من وراء القصد،،