الستة و"الحقيقة" غير المعترف بها
من الطبيعي جداً نلاحظ هناك تبايناً كبيراً في ردة الفعل حول قرار"مفاجئ" صدر من الاتحاد السعودي لكرة القدم، بخصوص السماح للأندية بالتعاقد مع "6" لاعبين أجانب، وهذا التباين كما هو واضح للجميع يذهب بنسبة أكبر في اتجاه "الرفض"، وهذا الرفض ناتج في تصوري لسبب ليس له علاقة بعدم "الاقتناع" بالفكرة من حيث المبدأ، إنما يعود إلى أن اتحاد القدم لم يمهد للقرار إعلامياً ويحدد المبررات التي فرضت عليه واضطرته إلى اتخاذ هذا القرار، حتى على مستوى الأندية كما تابعنا هناك أندية عبرت عن استيائها لتجاهلها دون استشارتها ومعرفة رأيها، وهذا دور كان من الممكن أن تقوم به رابطة المحترفين أو لجنة الاحتراف سواء بعقد اجتماعات أو عبر توجيه مخاطبات رسمية.
ـ نظرتي ككاتب وناقد لقرار السماح بالتعاقد مع "6" لاعبين أجانب تنجه من خلال سؤال واحد تتفرع منه عدة "تساؤلات" أرى أن في واحدة منها أو بعضها أو مجملها إجابة صحيحة و"مقنعة" لذلك القرار "المفاجئ" وهذا السؤال هو (هل نظام احتراف اللاعب السعودي حقق "النجاح" المأمول منه بعد عقدين من الزمن أم لا)؟ ولكي نحصل على إجابة صحيحة و"مقنعة"، أيضا يبرز سؤال آخر في غاية الأهمية وهو "هل ظهر هذا النجاح جلياً على مستوى إنجازات الكرة السعودية فيما يخص المنتخب الأول ومشاركاته في المنافسات القارية والدولية؟ ونفس الشيء بالنسبة لأندية دوري المحترفين ومن يتأهلون للمشاركات الخارجية، أم العكس هو الصحيح، كانت النتيجة الفشل الذي أثر بشكل كبير على سمعة ومكانة الكرة السعودية؟.
ـ كما يوجد سؤال أهم جداً "مشتق" ومبني على معلومة الغالبية العظمى من الرياضيين والإعلام والجمهور يعلمها جيداً وأكدها رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، وهي مرتبطة برؤية لها علاقة بمجلس "الاقتصاد والتنمية"، وسبق لرئيسه الأمير محمد بن سلمان "ولي العهد" أن أعلن عنها قبل عدة أشهر في مؤتمر صحفي، والسؤال هو(هل هذه الرؤية هي من حتمت على اتحاد كرة القدم اتخاذ ذلك القرار من منظور أن الأندية مقبلة في الموسم المقبل على عصر"التخصيص أم لا؟).
ـ إذا كان رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم د. عادل عزت قد "اختصر" على الجميع الإجابة على ذلك السؤال العريض، ووفر علينا مهمة الدخول في استنتاجات واجتهادات خاصة بما يعني أنه "توجه" لمرحلة مختلفة على المستوى "الاقتصادي" تسير عليها دولتنا في كافة المجالات بمافيها المجال"الرياضي" وفقاً لرؤية "2030" وخطة استراتيجية بعيدة المدى، فإن ذلك لا يعني أن فشل احتراف اللاعب السعودي هو واحد من الأسباب التي أدت إلى اتخاذ قرار"الستة" لاعبين أجانب والحارس الأجنبي، فالأهداف المرجوة من قرار طبق ونفذ على مدى أكثر من20 سنة بمنتهى "الشفافية" لم يحقق النجاح، وإن لم يظهر مسؤول رياضي في اتحاد كرة القدم أو في غيره ويعترف بهذه "الحقيقة" لا على المستوى الفني ولا الإداري ولا حتى السلوكي سواء على صعيد الأندية المحترفة أو اللاعبين السعوديين المحترفين.
ـ هذه الحقيقة غير"المعترف" بها هي واحدة من الأسباب "الرئيسية" التي أدت بمجلس "الاقتصاد والتنمية" إلى اتخاذ هذه الخطوة "الاستباقية" كقرار لابد من اتخاذه والعمل به قبل إقرار نظام "تخصيص" الأندية من أجل "تشجيع" من يرغبون الاستثمار في الأندية كـ"تمهيد" يساهم من الآن في "تحفيزهم" على شرائها، أما إبقاء الوضع كما عليه في السابق كنظام احتراف"أعرج"فلن يساعد على إقبال المستثمر على شراء أندية "مفلسة" إدارياً وفنياً ومالياً، وبالتالي تتحول الرؤية المستقبلية والمرجوة من" التخصيص" إلى "فشل" ذريع "ينطبق عليه المثل القائل" كأنك يا أبوزيد ما غزيت".
ـ اعترافنا بالفشل هو أولى خطوات "التصحيح"، المهم أن لا نقع في أخطاء أخرى، وهذه مسؤولية مجلس "الاقتصاد والتنمية" والتفاؤل يقودنا إلى مرحلة نأمل أن تؤتي ثمارها المطلوبة نحو "ازدهار" وتطور تشهده الكرة السعودية بعون الله وتوفيقه.