لا تبيعوا أندية الدولة
كلنا اليوم بدون استثناء صفقنا بحرارة لمشروع التخصيص وصفقنا أيضاً لمجلس الوزراء ولولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ولرئيس الهيئة العامة للرياضة الأمير عبدالله بن مساعد وتصفيقنا لم يأتِ مجاملة أو تزلفاً إنما مواكباً لفكر نهضوي ينشد قفزة نوعية في مسيرة الحركة الرياضية السعودية وبالذات في كرة القدم، ومع رحلة "الأمل" ورؤية تسابق الزمن لابد أننا نتذكر قبل عقود ثلاثة حينما صفقنا لنظام الاحتراف وللرئيس العام لرعاية الشباب الأمير فيصل بن فهد والدكتور عبدالفتاح بن ناظر ـ رحمهما الله ـ والدكتور صالح بن ناصر وأيضاً لم يكن تصفيقنا مجاملة أو تزلفاً إنما كان "الأمل" هو الآخر يحذونا نحو نقلة نوعية في مسيرة الكرة السعودية لتواكب الكرة العالمية شكلاً ومضموناً.
ـ عندما نبحث عن النجاح الحقيقي الذي حققه لنا نظام الاحتراف نجد أن اهتمامات المنظومة الرياضية عندنا على مختلف تنوعاتها وتخصصاتها انحصرت في توجه "مادي" بحت يستفيد منه اللاعب فقط والمستنفعون من هذه السلعة الغالية، دون أن نرى تطوراً فنياً على مستوى اللعبة واللاعب استفادت منه الأندية ولا منتخباتنا الوطنية مما أدى إلى تراجع الكرة السعودية والسبب أن الفكر الاحترافي الذي يدير أنديتنا كان "غائباً" ومن المؤكد أن نتيجة محصلة فكر يدور حول نفسه هو الرسوب والتخلف حتى وإن تظاهرنا أننا نسير مع ركب التقدم والحضارة.
ـ ولكيلا نقع في الخطأ نفسه وتجربة فاشلة تتكرر أمام أعيننا ونحن مقبلون على مشروع التخصيص أتمنى أن نعترف أولاً بفشل الاحتراف وأن أنديتنا في الواقع ما زالت تعمل على نظام "الهواة" كفكر إداري وفني وتنظيمي وتخطيطي، هذا الاعتراف يقودنا إلى مواجهة إبقاء أنديتنا ككيانات تابعة ملكيتها للدولة كماهي أندية هواة في كرة القدم وجميع الألعاب وبناء على هذه الحقيقة نحافظ على هويتها وبالتالي نؤسس لكل لعبة اتحاد "الهواة" ونفصل كرة القدم للاعبين المحترفين بالنادي في اتجاه وتوجه مستقل يحاكي مشروع التخصيص المتجهة إليه الدولة بحيث يقتصر البيع "جزئياً" على اسم النادي وعلامته التجارية دون المساس بالمنشأة كمقر وكمحتوى لبقية أنشطته التي يمارسها هواة يدعمها "رسمياً" اتحاد هواة لكل نشاط رياضي.
ـ بهذا التوجه العقلاني سوف نساهم من خلال مشروع "التخصيص" المحتكر فقط في كرة القدم مبدئياً لأندية الدرجة الممتازة نسمح لملاك كرة القدم "المحترفة" ممن اشتروا اسم النادي والعلامة التجارية إعادة بناء منظومة الاحتراف من جديد، ولا يمنع أن يكون النادي "الهاوي" ممتداً للنادي "المحترف" المشترك معه في الاسم، بمعنى تعطى له الأولوية في شراء أي لاعب هاوٍ ينتمي إلى النادي نفسه وفق علاقة مصلحة مشتركة.
ـ أمنيتي هذه ليست "اختراعاً" إنما تم تطبيقها في بعض القطاعات الحكومية، فالانفصال لم يكن "كلياً" إنما "جزئياً" فكان النجاح مستفيداً منه الفكر "الحديث" المتطور دون أن يتضرر الفكر "التقليدي" ومن يتبعون له والذي تحول إلى قطاع منتج و"ممول" للقطاعات الحكومية التي تم "تخصيصها" وهذا ما أتوقع حدوثه لو واءمت هيئتنا الرياضية بين فكر احترافي وفكر هواة الأول سيقود كرتنا السعودية إلى التطوير والإنجاز دون أي تدخل حكومي لا مادياً ولا تنظيمياً، والثاني سيكون محتضناً راعياً لـ"الهواة" وفي الوقت نفسه رافداً لمواهب كروية أفضل باستمرارية مسابقاتها وبطولاتها مع "تحديث" للوائح والأنظمة، ومسماهما أيضاً في مشروع "استثماري" تحتضنه الأندية المحترفة "المتخصصة" سواء كان ملاكها أفراداً أو شركات.