2009-10-15 | 18:00 مقالات

ما أجمل أن تكون مظلوماً

مشاركة الخبر      

يقيناً إن هذا العنوان لن يحظى بالقبول على اعتبار أن (الظلم) بكل معاييره المختلفة له انعكاساته النفسية والصحية التي تجلب الحزن والقهر بدرجات متفاوتة حسب كل حالة وقدرة الإنسان المظلوم على تحمل قسوته
وعندما ترغب في تشريح نص هذه العبارة من خلال البحث عن (جمال) يجعل المعنى مقلوباً ومخالفاً للحقيقة ولمشاعر بشرية لا تتفق مع هذا الوصف تبادرك حينها بلهجة اعتراض شديدة ولسان حالها يقول (ما أسوأ أن تكون مظلوما).
منطق صحيح ولكن واقع حياة أي إنسان لا يخلو بطبيعة الحال من تجربة مريرة ذاق صنفا وأصنافا من أنواع الظلم وإن أنصفته (العدالة) وساهمت بالدفاع عنه ونصرته فإنه لا يقوى من شدة الفرح أن يرفع يديه إلى السماء قائلا (اللهم لك الحمد).
أما إن وجد هذا الإنسان نفسه أمام طريق (مسدود) لا يستطيع التصدي لحرب (ظالمة) تواجهه وتيارات باغية كلها تحاول النيل منه وإسقاطه أو حتى منعه من الدفاع عن موقفه ووجهة نظره فإنه بقدر أحاسيس (الغبن) التي تملأ صدره سرعان ما تتلاشى تماما وذلك في لحظة صدق تجمعه مصادفة مع فرد وأفراد وهم يدعون له (الله ينصرك).
لا أخفي على القارئ أنني مررت بهذه التجربة مرات عديدة ولمستها عن قرب فكم كنت أشعر عبر اتصالات هاتفيه لا تعزيني على ظلم تعرضت له إنما تقدم لي تهنئة من القلب على موقف صادق وجريء اتخذته دون التخلي عن مبادئي في سبيل الدفاع عن الحق وكشف ظلم لم أرتضيه.
حينما تخرج إلى الشارع وفي كل مكان وتلتقي بأناس لا تعرفهم ولم يسبق أن اجتمعت بهم وجمعك أي حوار معهم فيلتفون حولك ويشدون من أزرك ويحيون فيك (شجاعة) الموقف وينقلون إليك عدم رضاهم عن ظلم قاس لمسوه في شخص (مظلوم) هو أنت تشعر آنذاك أنك تحتفي بمن ظلمك لأنه ساهم في كشف حجم محبة الناس لك وتعاطفهم معك، وكم أنت (محظوظ) بهذا الحب الذي احتضن همك ويحتويك بابتسامه وكلمة وروح (تشجعك) على الصبر واستمرارية العطاء وقول دون أن تخشى في الله لومة لائم.
أسوق هذه الرؤية دعما وانتصارا للروح الرياضية واحتفاء بالرأي العام الذي هو أشبه بجمهور كروي داخل الملعب هزم فريقه بسبب صافرة حكم ظالمة إلا أنه عقب المباراة ما زال يشجع ويهتف باسم ناديه واللاعبين وكأنه يحتفي بنصر هو (مقتنع) به رغم خسارة جولة واحدة لمباريات موسم لم يعلن اسم البطل فيه، ولاعبون يبادلونهم نفس المشاعر بتحية وهم يرددون في صوت خافت (ما أجمل أن تكون مظلوما) ما دامت معاك هذه الجماهير.